كان في واحد فاتح شركة , جاب اصحابه و اخواته و شغلهم عشان واثق
فيهم , شركته نجحت لأن كل اللي دخلها كان عارف انها شركته و فلوسه و
بيسمعوا الكلام مهما قالوله تعليقات قد يأخذ بها أو لا يأخذ ..
مصر مش شبه الشركة دي , لأنها و لا فلوس حد و لا بتاعة حد .. حلو ؟
و لا الأحزاب كمان على فكرة ..
فكرة الثقة داخل جماعة الإخوان ترتفع فوق أي فكرة أخرى , و الفكرة ناجحة
نسبيا لأن المنتسب للجماعة مر بمراحل كثيرة , و لم يكن الأمر طلب للإنتساب
فتم انتسابه .
تربى على الثقة , فمن لم يتوافق مع هذه الفكرة طُرد أو طرد نفسه .. و من مر بكل المراحل ليصل لتلك الثقة المنشودة استمر ..
حزب الحرية و العدالة لا يختلف عن ذلك كثيرا , لذا ستجد بعض المنتسبين
إليه من خارج الجماعة يزحفون خارجه واحد تلو الآخر , و لن يبقى فيه إلا
الإخوان و بعض المتلصقين فيهم لأسباب تتعلق بكونه الحزب الحاكم .
هذا الحال لم يتطابق مع حزب النور تطابق كامل , رغم هيمنة شيوخه روحيا
على أعضائه , لكنهم افتقدوا التدرج داخل الإخوان فاضطروا الى بث بعض
الديمقراطية الداخلية و إن ظهر أنها لم ترتقِ للمستوى المطلوب و حدثت
إختلافات كبيرة وصلت إلى حد الإنقسام الذي حدث مؤخرا .
هذه الأحزاب قد تفرز ديكتاتوريات ؟ بالتأكيد نعم ..
أو على الأقل ستفرز نظم ديمقراطية تقليدية عفا عليها الزمن .. و إن كانت في حالة مصر تمثل بعض التقدم ..
قشطة كده ؟
أهل الثقة و الجماعة التي نعيبها على الأحزاب الإسلامية و على ما هو
واضح أنه منهج إدارة الدولة الآن .. هي أهل الثقة و الجماعة في تكوينات
حزبية تدَّعي أنها قامت لتُقيم نظام ديمقراطي حقيقي و ليس نظاما ورقيا كما
الأحزاب الإسلامية ..
لكن كيف يحدث ذلك و هي تفتقد لتلك الآليات داخليا ..
أتذكر موقفين حدثا في حزب العدل قد يكونا مدخلا لحديثي ..
حينما تم إتخاذ بعض القرارات التي وجدها كثير من الأعضاء تفتقد لأي فكرة
تتعلق بالديمقراطية و تجعل الأمر يبدو أن القرارات تخرج من الأعلى موزعة
على أهل الثقة , حدث إجتماع عاصف حضره الأعزاء الوكلاء المؤسسين ..
قيل الكثير في هذا الإجتماع عن آلية إتخاذ القرار و قواعد الإختيار ..
لكن المميز في الأمر هو أن القيادات الثالثة التي تدير الإجتماع .. لم يكن أحد فيهم يملك ورقة و قلم ليدون شيء مما يُقال ..
كان هذا مبكرا جدا و آمنت وقتها أننا نسير في اتجاه خاطئ .. اتجاه تتكون
الديمقراطية فيه من اتاحة الفرصة للاعتراض ليس من أجل التغيير او التعديل ,
و لكن من أجل إخراج بعض الشحنات و امتصاص الغضب و الإستمرار بعد ذلك بنفس
الطريقة و بدون تغييرات تُذكر .
الموقف الثاني : حديث أحد قيادات الحزب لي شخصيا أن هناك أمور لا أعلمها
تجعل مثل هذه المواقف تخرج منه , و أن الأمر كبير و معقد , سألته ببساطة
ما هي هذه الخفايا فإن لم يكن كوني عضو مؤسس في الحزب يشفع لي , فقد يشفع
لي كوني عضوا في لجنته العليا ..
و كان الرد مُلخصا للأمر : خلّي عندك ثقة فيَّ ..
الثقة ؟ كم مرة سمعت هذه الكلمة ؟
لا يعرفون أن الديمقراطية تعني أن القرارات لن تخرج دائما
لتتطابق مع أراء الرئيس , الرئيس في أي مكان , و أن الرئيس هو عضو في
منظومة قد لا يخرج منها ما يوافق أرائه إلا بنسبة 50% .. و يشارك هو بقوة
لتكون الأراء و القرارات معبرة عن الجميع بشكل ما أو إلاى حد ما ..
لكن غير ذلك هو استخدام للديمقراطية الظاهرية لتمرير ديكتاتورية راسية ..
معتمدين على كلمة ( الثقة ) .. و كلمة الحب ..
تلك الكلمة السحرية التي استخدمها الإخوان فيما بينهم دائما ( الحب في
الله ) و استخدمها البرعي نائب حزب الدستور في تصريحاته مؤخرا التي قال
فيها : ( وما حدث سوء فهم يمكن معالجته خاصة أن البرادعى، وقادة الحزب
يتمتعون بمحبة واحترام شباب الحزب )
كله بيتحل بالحب .. !
ديمقراطية الحب هي ديكتاتورية مُنمقة ..
و أن يستلزم الأمر شهورا ليلتفت أحدهم لمطالب بعض الشباب في تسيير الحزب
بطريقة ديمقراطية مبنية على أسس تخرج من نطاق رئيسه لتشمل الجميع .. ثم
اضطرارهم للاعتصام من أجل ذلك , ثم يأتي رد الفعل أن ( ولي النعم ) سيتكرم
بالإستجابة لبعضها , مع إضافة بعض بهرات ( المحبة ) .. قائلا : التي لهم حق
فيها .
ماعرفتكش أنا كده ؟
هذه الطريقة في إدارة حزب لا تدل أن القادم هو إدارة دولة بطريقة
ديمقراطية , ديمقراطية طبيعية تقوم على المؤسسات التي تتنوع طريقة إختيارها
لتعطي لبعضها استقلالية كاملة أو نسبية .. بما يعني أن كثير من القرارات
التي تتخذها الدولة لن تكون انعكاسا لرغبة أو فكرة رئيس لم يعد من الممكن
أن يجعل الجميع أسفل منه عمليا و إن إدعى غير ذلك ..
كفاكم خداعا لأنفسكم و أنتم تنتقدون في الآخرين ما أصاب بدنكم و انتشر فيه ..
إن لم يكن الشباب ( ثورة ) داخل كل مؤسسة لتسير بطريقة ديمقراطية كاملة و واضحة فمن سيكون تلك الثورة ؟
كسر تابوهاتك