قالوا إنهم يُفصلون دستورا للإخوان, و قالوا أنه دستورٌ مليء بالصفقات, و أنه مر بليل.
قالوا أنه دستور لا يُعبر عن كل المصريين, و أن اللجنة التي تضعه غير مُتفَق عليها,
و قالوا ليس هكذا تُوضع الدساتير..
ثم ماتوا.
الحقيقة أن الدستور الذي وضعه الإخوان لا يُعبر عن الثورة بأي حال, و أنهم قد دستورا فيه المحاكمات العسكرية, و وضعوا الجيش بصلاحيات تجعلهم دولة فوق الدولة, و لا تستقيم مع ذلك الحياة المدنية بعد ثورة على حكم عساكر استمر لعقود من الزمن.
و الحقيقة أن في تلك الليلة الساحرة و الناس نيام بعدما تخطت الساعة منتصف الليل, قام البلتاجي مُطالبا بضم وزيرين لمجلس الدفاع الوطني فعلق ممدوح شاهين مندوب المجلس العسكري بتعليقٍ شهير : هتزود واحد هزود واحد.
فلم يُزود هذا و لا ذاك.
قامت المظاهرات و المسيرات وقتها تُندد بالدستور و لجنته, و رُفعت القضايا لإبطالها, و انشغل الجميع بإفشال الدستور سواء بحركة الشارع أو المقاطعة أو التصويت بلا.. لكن الاستفتاء الذي نزل دون إلتزامٍ من مرسي بوعده ألا ينزل الدستور إلى الاستفتاء إلا بتوافق وطني.. مر بأغلبية المصوتين..
لينضم الرافضون لآلية وضع الدستور السابق للجنة الدستور الحالية ,
التي لم يُرشحها أحد, و لم تأتِ مُعبرة عن أحد, و لا يعرف الناس أعضاءها, و اختيرت من السلطة الحاكمة بشكل كامل,
ثم يريدون أن يضعوا دستورا ليعيش !
أقتبس جُملتكم الشهيرة : ليس هكذا تُوضع الدساتير.
__
أثبت التاريخ أن مُعظم السلاطين أغبياء, و إن كانوا أذكيار في سابق عهدهم يتحول الأمر لغباء عندما يجلسون على كرسي السلطة اللعين, فلا ينتبهون للدروس, و لا يتعظون من العظات..
و أثبت المصريون أنهم يُفرعنون السلطان, لكن عندما يمسك السلطان الخيط منهم و يتفرعن و ينتشي و ينفش ريشه, يلعنه من فرعنوه, و يجعلوه عدوهم الأول..
لكنهم بلا أي تردد يسيرون على منهاج كل من سبقهم..
يتوقع ذلك الواهم الجالس على كرسي السلطة, أنه ببساطة قد يضع دستورا يجعل الدولة جُزءً من الجيش, يجعل الكل جزءً من الجزء .. و تستقيم الأمور !
يتوقع ذلك الواهم.. أنه ببساطة قد يجعل نفسه ملكا فوق الملوك, لا يُمكن تغييره أو تنحيته, بينما قد يُنحى الرئيس الذي سيكون وضعه أقل شأنا بكل تأكيد منه,
و يتوقع أن دستورا يحجر على رأي الأجيال القادمة في اختيار من يحكمه, سواء داخل الجيش او من الشعب الذي أنهكته أطماعكم
يفعل مثلما تفعل تلك الراقصة المتعريَّة, عندما تتوقع أن من يشاهدونها يُحبون فنها الهادف و ليس تحريكها لأعضائها المكشوفة, تُسيطر على المُشاهدين بصدرٍ نافر و خصرٍ متلوٍ ... فتتوقع أنها ملكتهم, لكنهم سيلعوننها في سرا و جهرا عندما تهدأ نزواتهم,
و سيلعن الجميع هؤلاء الذين يرقصون عُراة على مُستقبل ذلك الوطن الذى عانى الأمرين, بين أطماع فريقين يُريد كل منهما أن يرسم الوطن كما يحلو له, ليكون مُناسبا له و لعشيرته... و ليأكل المصريين التُراب و يغرقون في بحور الدم إن لم يرتضوا بذلك.
___
يقولون استقرارا,
هكذا قال الاخوان من قبلكم, و من قبلهم أبناء مُبارك, فلم ينل احدٌ الاستقرار,
فلا استقرار بدون عدالة, و لا استقرار بقمع المعارضة, و لا استقرار و ذلك الترزي مازال في مكتبه يُفصل الوطن على مقاس عشرات الأفراد, بينما الوطن يعيش فيه ملايين و يتسع لهم.
يُريدون أن يجعلوه رئيسا, و قبل أن يكون كذلك هو عدوٌ لملايين المصريين بطريقة مباشرة, فكيف يجمع الشتات و يدفع الوطن لاستقرار ؟ أين المنطق ؟
و إن لم يكن رئيسا فلنكتب في الدستور أن مصر اسلامية عربية يملكها جيشها و وزير دفاعها السيسي..
فننتقل من دستور الإخوان.. لدستور السيسي..
و يتوقعون أن يستمر دستورا مثل هذا ؟
__
غدا تفقد الراقصة رشاقتها, و يترهل خصرها, و لا ينفعها سيلكون أو غيره, فينفضَّ المُعجبون من حولها, و يضربها اللاعنون بأحذيتهم..
و إنَّ غدا لناظره قريب.