كانت سنة مليئة بالأحداث الدرامية, بين فشل و إفشال و تحولاتٍ من الأقضاب للأقضاب, و سعادة و صدمة و وجع.
فما انتهت به 2012 من أحداث الإتحادية, ثبَّت فكرة أن نظام الإخوان الحاكم ما هو إلا صورة جديدة من نظام مُبارك, بل مع حشدٍ يجعلون منه سيفاً مُسلطاً في إتجاه الإقصاء للمعارضة.
فبالإضافة للإقصاء و الإتهام بالعمالة و التكفير, أصبح هناك مجموعٌ موالي للسلطة الحاكمة, يفرح بقتل المُعارضين, و سحل المتظاهرين, و يهتف للداخلية لأنها تفعل ذلك, و يُطلق على وزير الداخلية أوصاف مثل البطل الشجاع, و الرجل النظيف.
في 2013 مارس الإخوان و حلفاؤهم كل ما قد يُطلق عليه " غباء " وصل إلى قدر لا يُمكن أن يصدقه عقل, و أدى إلى إنهيار سلطتهم سريعا, كان نظامهم آيلا للسقوط في أية لحظة, و لا ينتظر إلا عدواً من داخل أروقة السلطة ليدفعه دفعة صغيرة لينهار, و قد حدث.
***
في 2013 .. حدثت واحدة من أكبر المجازر في تاريخ مصر, مجزرة تخطت " مذبحة القلعة " في عدد قتلاها, ليُذكِّرنا بحادثة العبارة التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري, بقتلٍ أسموه " قتلاً خطأ" , بينما مبارك مساءً يحضر مُبارة لكرة القدم.
لكن هذه المرة كان القتل مع سبق الإصرار و الترصد.
مذبحة إعتصام رابعة, كانت الحدث الأبرز في 2013 بين مذابح عدة راح ضحيتها عشرات المصريين, متظاهرون, و جنود, و طالب كان يقف في جامعته ليُشاهد الداخلية تضرب الخرطوش داخل أسوار الجامعة.
مذبحة رابعة, ليست الحدث الأبرز في هذه السنة فقط, بل ستكون الحدث الأبرز لسنين قادمة, و سيذكرها التاريخ شاء من شاء و أبى من أبى,سيذكر أن هناك قاتل و هناك مذبحة.
و كان نتاجها, ما آلت إليه الأمور بعد ذلك من تصاعد الكراهية في المجتمع, و تصاعد التشاحن بين آلاف بل ملايين من المصريين - أياً كان إنتماؤهم السياسي - و القوات المُسلحة.
و برز ذلك في عنوان إحدى الجرائد المُستقلة: " اشتباكات بين قوات المظلات و طالبات الأزهر ". يبدو أن البعض ضل الطريق.
***
بين 30-6 و 3-7 .. ثورة أم إنقلاب
قد يعتبره البعض الحدث الأكثر بروزا في هذه السنة, لكن بالتأكيد دم المصريين الذي سال ليس هناك أهم منه,
لكنه يبقى هو الحدث الذي قلب نظام الحكم, و قلب مصر, رأسا على عقب.
و بين إعتراف بعض الدول, و تغير بعض الحلفاء, و همهمة دولية بعضها مُرتفع و بعضها صوري, لم يتفق المصريون, فالبعض يرى بدايتها ثورة و نهايتها إنقلاب, و البعض يرى أنها الثورة العظيمة الخالدة, و البعض يرى أنها إنقلابٌ خالص.
لكن الأكيد هي نتائج ما حدث, فأول رئيس مصري مُنتخب, الذي كان بعض أنصاره يسبون من يقول له " مرسي " دون أن يُدكتره, خرج من سدة الحكم لمكان غير معلوم, قبل أن يُقدَّم إلى المحاكمة, و تصاعد نجم السيسي, وزير دفاعه, الذي قاد عملية نزعه من الحكم, حتى أصبح البعض يدَّعون حمل نسائهم بنجمه, و انتظار البعض لغمزة منه.
و كان ذلك واضحا فيما عُرف بالتفويض, التفويض الذي طلبه السيسي من أنصاره, ليُحارب به الإرهاب, تفويض لم يجعل الأمن يرجع, و لم يجعل نزيف الدماء يتوقف, و لم يجعل معاناة المصريين في المواصلات العامة تنتهي, و لم يجعل الأمن يتوقف عن عمليات الإعتقال العشوائية و القتل في الشوارع, و لم يُحَسِّن أي شيء في دخول الناس و معيشتهم.
و انتهى الأمر بقانون لمنع التظاهر, عندما حاول النظام تطبيقه تجاوزه, ليضرب المتظاهرين في الشوارع, و يقتل بعضهم في الجامعات, و يُلقي ببعضهن في الصحراء ليلا, و يقتحم البيوت الآمنة على ساكنيها, و يسجن بعضهم, و ينشر أخبار متناثرة عن قرب القبض على الجميع, على كل من يُقرر أن التظاهر حق, و أنه كان سببا مُباشرا في مجيء السلطة الحالية التي تُجرِّمه.
لن يتفق المتابعون على توصيف الحدث, لكنهم قد يتفقون على توصيف نتائج ما بعد الحدث.
***
بالرغم من كونه برنامجاً ساخراً, إلا أنه لعب دورا هاما في مُعارضة سلطة الإخوان و التأثير في الشارع,
برنامج البرنامج للإعلامي الشهير باسم يوسف,
هدم ما قد يُسميه البعض حوائط السلطة المُسلحة, و تخطى تلك الخطوط المُسماة بالحمراء, و أصبح العدو الأول للمواليين للسلطة في مصر, و اتهموه بكل شيء قد يُتهم به أحدهم.
لكن بالرغم من كل ذلك اللغط إستمر البرنامج حتى إنتهاء موسمه.
و مع بداية جديدة و نظامٍ جديد, لم يستطع برنامج البرنامج أن يُطل على الناس من شاشات التلفاز بوجه صاحبه الساخر و كلماته اللاذعة, إلا مرة واحدة.
و تم منع الربنامج من بعدها, تحت حُجج واهية, أثبتت أن الكيل بمكيالين هو حال البعض, و حال من في سُدة الحكم الآن,
فهؤلاء لم ينتبهون أن البرنامج به إيحاءات جنسية إلا الآن فقط, و أولئك لم يطيقون أن ينتقدهم أحد, بينما سمّوا سُلطة الإخوان بالديكتاتورية الإخوانية.
و ظهر ذلك جليا في حديث الوزير حسام عيسى عن كون وزير الداخلية أخبره أن الشرطة ليس معها خرطوش و أنه مُجرد " رصاص بيلسع " مع مقارنته بحديث الكتاتني الذي لم يختلف كثيرا عنه, عندما كانت السلطة معه.
***
على المستوى الشخصي تعلمت في هذه السنة " البوح " و مارسته بقوة,
في ظل مُجتمع خانق, يُطلق على الحب " مُراهقة ", و على المحاربة من أجله " قلة نضج ", و يربط وجع الفراق بالرجولة.
بينما كان حُب الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة بوحٌ لا يُمارسه المُجتمع, حينما قال عليه الصلاة و السلام أنها أحب الناس إلى قلبه, و وجعه على فراق ابنه إبراهيم رحمة و رقة قلب.
و بين مواقف عمرو حمزاوي التي صُنفت بعضها بالمواقف الشجاعة, كان موقفه حين باح بحبه لزوجته الحالية " بسمة " أكثر المواقف شجاعةً.
و أنا في هذه السنة أحببت فأخبرت, و تعثر الأمر فحاربت, و افترقنا فوُجعت, و عبَّرت عن وجعي بكل صورة مُمكنة, حتى تطهرت, أو شارفت على ذلك.
تعلمت أن البوح هو الشجاعة الكُبرى بعد شجاعة الإعتراف بالخطأ و الإعتذار عنه,
و مارست البوح دون إلتفاتا لتعليقات البعض, أو رأي المُجتمع.
و إن دفعت ضريبة صدقي و بوحي في ذلك المُجتمع, فهي ضريبة أرحب بها و قد أتت مع كسر تابوها آخر من تابوهات المُجتمع التي كسرتها على التوالي.
البوح تطهر, و الصدق شَرطَه الوحيد.
***
سنة 2013, حملت بين طياتها دماً كثيرا و بوحاً و وجع..
لعل السنة القادمة تحمل عدلا, و نتاج صدقٍ, و حباً, و أمل.