بعد خطاب السيسي الذي عزل فيه مرسي قابلت صديق إخواني كان المعتاد بيننا في أية مناقشة أن يكون مُنفعلا ضد كل تحميل خطأ لمرسي أو الإخوان .. كان شخصا مُختلفا هذه المرة, تقبَّل حديثي الغير شامت, و أقر في سكوتٍ مُنكسر بصحته..
ثم بعدما وضح إتجاه اعتصام رابعة بأن الأمر لم ينتهِ بعد .. عادت ريما لعادتها المنفعلة .. فقررت ألا أناقشه.. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
للحركة الإسلامية تاريخ و حاضر و مُستقبل .. لكن الحديث فيه الآن و أجسادهم مُسخنة بالجراح ليس إلا نوعٌ من أنواع العبث, فلن يجد الحديث أذنا مُصغية لأي شيء إلا صوت البُكاء على من رحل و على الإنسانية .. إلخ
الحقيقة تقول أن مستقبل الإسلاميين في مصر تراجع للخلف بقفزات واسعة للغاية لا تجعل منهم مُنافسا شرسا يُهدد حُكم أحد لفترة قادمة..
و أن كثيرا منهم سافر للخارج إن كان عنده فرصة للسفر, و الآخر تنحى جانبا عن المشهد, و الآخرين سيخرجون من بعض الجماعات - خاصة الإخوان - أفواجا خوفا و لعدم إيمانهم الحقيقي بفكرتهم.
و الحقيقة الأخرى تقول أن هناك حرباً مُدعيَّة على الإرهاب.. لا صوت يعلو فوقها إلا صوتنا..
حين تترفع عن مُخاطبة المهزوم فالوقت طويلا أمامك لمخاطبته.. لكن المُنتشي بالنصر يجب ن تُخاطبه قبل أن يفعل به الزمن كما فعل بمن قبله.. !
تقول رندا أبو العزم مدير مكتب قناة العربية في مصر : ( العنوان المُدرج على القنوات بأنها حربٌ على الإرهاب لا يُعطي إنطباعا جيدا في الخارج, فإعلام السلطة معروف أنه يُعبر عنها و يُرسل رسائلها, و في التسعينات لم نجد قناة تكتب هذا العنوان بينما كانت هناك حربٌ حقيقية على الإرهاب دائرة )
في سنة 97 هجم مجموعة من الإرهابيين على سائحين في الأقصر و ذبحوهم ذبحا في واحدة من أكثر الحوادث الإرهابية دموية في مصر.. لكن الأمر لم يستدعِ كتابة هذا العنوان لأن الحرب فعلا كانت دائرة.
تستطيع الفتاة العاقلة معرفة أن هذا الشاب يحبها من أفعاله, بينما الفتاة الساذجة تؤمن بحبه لها لأنه يُردد كلمة الحب على آذانها كثيرا بينما أفعاله تقول غير ذلك .. و في الحرب على الإرهاب كُلنا تلك الفتاة الساذجة.
أي قارئ عاقل للمشهد لم ينتهج نهج تلك الفتاة سيرى بوضوح أن هناك بالفعل حالة عداء متزايدة من مجموعات ضد أفراد الجيش لدخول الجيش طرف في المعادلة السياسية في وقت استقطاب هائل.. و سيرى بعض الحوادث التي لم يقف النظام لمنعها و بعض الحوادث الذي لم يكن حذرا في التعامل معها.. لكنه ألبس تلك الحوادث هالة مُقدسة باسم الحرب علىٌ الإرهاب بينما يُمرر هو دستورا لم يشارك في كتابته أحد, و مُنشغل بإعادة التمكين لفصيل سياسي كان هُناك
فصيلٌ سياسيٌ آخر يُريد أن يشاركه هذا التمكين لكنه فشل.
لكن هذا الأمر لم يصل لصديقي الذي استاء كثيرا من مُهاجمتي لبعض مواقف السلطة الحالية فشرحت له رأيي بوضوح و فهم أنني سأقف دائما ضد كل سلطة لا تنحاز لديمقراطية و حرية و عدالة إجتماعية ..
فأخبرني بأن الأمر وضح أمام عينيه .. إما فاشية دينية أو استبداد .. و سيختار الاستبداد..
فأخبرته بهدوء أنني ضدهما معا .. فقال بهدوء أيضا : إذً فأنتَ خصمي.
أصبح المُطالب بالحقوق خصما واضحا للفتاة الساذجة.
البرادعي في إحدي تغريداته قال أننا لن نُعيد إختراع العجلة..
لكن نظام الإخوان لم يسعَ لتفعيل عجلة أو حتى إختراعها .. مثله مثل النظام الحالي !
مراقبة ردود أفعال الإخوان و تعظيمها يُعطلك عن مراقبة أفعال السلطة الحالية و تقييمها ..
أفعالها التي لا توحي بأي شكل من الأشكال أن هناك دولة يستحقها المصريون ستُبنى في القريب العاجل ..
بينما من لم تشغله الحرب على الإرهاب شغله البحث في مكنونات كل مُخالف لرأيه عن مقدار وطنيته و عمالته .. و التي تصل به في نهاية المطاف إلى تخوين كُل من لم يقم بدور تلك الفتاة الساذجة.
قولبة الوطنية في قالب واحد مُتعلق برأي آني لهو شيءٌ أشد بؤسا من حال مُحب رحلت عنه حبيبته فجأة بدون سبب.. و صكوك الوطنية الآن أرخص من ثمن شيكولاتة جلاكسي التي تساعد البعض على تخطى الأزمة و أغلى قليلا من دم كُل معارض أهدره مُفتي الديار المصرية السابق ,و مُساويا لمعاناة موظف محدود الدخل أضطر لدفع عشرة جنيهات في وسيلة مواصلات أجرتها الحقيقية جنيهان لأن حركة القطارات متوقفة.
عندما تنجلي الصورة, و تعقل الفتاة الساذجة, و تنكشف أثار الحرب الزائفة.. ستكتشفون أن ما مررنا به معا و خونتونا بسببه لا يقل رداءة عن إعلان بسكويت ديمو..
بكرة نقعد جنب الحيط.