Tuesday, December 31, 2013

في نهاية 2013, بوحٌ أخير و أحداث فارقة.


كانت سنة مليئة بالأحداث الدرامية, بين فشل و إفشال و تحولاتٍ من الأقضاب للأقضاب, و سعادة و صدمة و وجع.

فما انتهت به 2012 من أحداث الإتحادية, ثبَّت فكرة أن نظام الإخوان الحاكم ما هو إلا صورة جديدة من نظام مُبارك, بل مع حشدٍ يجعلون منه سيفاً مُسلطاً في إتجاه الإقصاء للمعارضة.

فبالإضافة للإقصاء و الإتهام بالعمالة و التكفير, أصبح هناك مجموعٌ موالي للسلطة الحاكمة, يفرح بقتل المُعارضين, و سحل المتظاهرين, و يهتف للداخلية لأنها تفعل ذلك, و يُطلق على وزير الداخلية أوصاف مثل البطل الشجاع, و الرجل النظيف.

في 2013 مارس الإخوان و حلفاؤهم كل ما قد يُطلق عليه " غباء " وصل إلى قدر لا يُمكن أن يصدقه عقل, و أدى إلى إنهيار سلطتهم سريعا, كان نظامهم آيلا للسقوط في أية لحظة, و لا ينتظر إلا عدواً من داخل أروقة السلطة ليدفعه دفعة صغيرة لينهار, و قد حدث.

***

في 2013 .. حدثت واحدة من أكبر المجازر في تاريخ مصر, مجزرة تخطت " مذبحة القلعة " في عدد قتلاها, ليُذكِّرنا بحادثة العبارة التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري, بقتلٍ أسموه " قتلاً خطأ" , بينما مبارك مساءً يحضر مُبارة لكرة القدم.
لكن هذه المرة كان القتل مع سبق الإصرار و الترصد.

مذبحة إعتصام رابعة, كانت الحدث الأبرز في 2013 بين مذابح عدة راح ضحيتها عشرات المصريين, متظاهرون, و جنود, و طالب كان يقف في جامعته ليُشاهد الداخلية تضرب الخرطوش داخل أسوار الجامعة.

مذبحة رابعة, ليست الحدث الأبرز في هذه السنة فقط, بل ستكون الحدث الأبرز لسنين قادمة, و سيذكرها التاريخ شاء من شاء و أبى من أبى,سيذكر أن هناك قاتل و هناك مذبحة.

و كان نتاجها, ما آلت إليه الأمور بعد ذلك من تصاعد الكراهية في المجتمع, و تصاعد التشاحن بين آلاف بل ملايين من المصريين - أياً كان إنتماؤهم السياسي - و القوات المُسلحة.

و برز ذلك في عنوان إحدى الجرائد المُستقلة: " اشتباكات بين قوات المظلات و طالبات الأزهر ". يبدو أن البعض ضل الطريق.

***

بين 30-6 و 3-7 .. ثورة أم إنقلاب

قد يعتبره البعض الحدث الأكثر بروزا في هذه السنة, لكن بالتأكيد دم المصريين الذي سال ليس هناك أهم منه,
لكنه يبقى هو الحدث الذي قلب نظام الحكم, و قلب مصر, رأسا على عقب.

و بين إعتراف بعض الدول, و تغير بعض الحلفاء, و همهمة دولية بعضها مُرتفع و بعضها صوري, لم يتفق المصريون, فالبعض يرى بدايتها ثورة و نهايتها إنقلاب, و البعض يرى أنها الثورة العظيمة الخالدة, و البعض يرى أنها إنقلابٌ خالص.

لكن الأكيد هي نتائج ما حدث, فأول رئيس مصري مُنتخب, الذي كان بعض أنصاره يسبون من يقول له " مرسي " دون أن يُدكتره, خرج من سدة الحكم لمكان غير معلوم, قبل أن يُقدَّم إلى المحاكمة, و تصاعد نجم السيسي, وزير دفاعه, الذي قاد عملية نزعه من الحكم, حتى أصبح البعض يدَّعون حمل نسائهم بنجمه, و انتظار البعض لغمزة منه.

و كان ذلك واضحا فيما عُرف بالتفويض, التفويض الذي طلبه السيسي من أنصاره, ليُحارب به الإرهاب, تفويض لم يجعل الأمن يرجع, و لم يجعل نزيف الدماء يتوقف, و لم يجعل معاناة المصريين في المواصلات العامة تنتهي, و لم يجعل الأمن يتوقف عن عمليات الإعتقال العشوائية و القتل في الشوارع, و لم يُحَسِّن أي شيء في دخول الناس و معيشتهم.

و انتهى الأمر بقانون لمنع التظاهر, عندما حاول النظام تطبيقه تجاوزه, ليضرب المتظاهرين في الشوارع, و يقتل بعضهم في الجامعات, و يُلقي ببعضهن في الصحراء ليلا, و يقتحم البيوت الآمنة على ساكنيها, و يسجن بعضهم, و ينشر أخبار متناثرة عن قرب القبض على الجميع, على كل من يُقرر أن التظاهر حق, و أنه كان سببا مُباشرا في مجيء السلطة الحالية التي تُجرِّمه.

لن يتفق المتابعون على توصيف الحدث, لكنهم قد يتفقون على توصيف نتائج ما بعد الحدث.


***

بالرغم من كونه برنامجاً ساخراً, إلا أنه لعب دورا هاما في مُعارضة سلطة الإخوان و التأثير في الشارع, 
برنامج البرنامج للإعلامي الشهير باسم يوسف, 
هدم ما قد يُسميه البعض حوائط السلطة المُسلحة, و تخطى تلك الخطوط المُسماة بالحمراء, و أصبح العدو الأول للمواليين للسلطة في مصر, و اتهموه بكل شيء قد يُتهم به أحدهم. 
لكن بالرغم من كل ذلك اللغط إستمر البرنامج حتى إنتهاء موسمه.

و مع بداية جديدة و نظامٍ جديد, لم يستطع برنامج البرنامج أن يُطل على الناس من شاشات التلفاز بوجه صاحبه الساخر و كلماته اللاذعة, إلا مرة واحدة.
و تم منع الربنامج من بعدها, تحت حُجج واهية, أثبتت أن الكيل بمكيالين هو حال البعض, و حال من في سُدة الحكم الآن, 
فهؤلاء لم ينتبهون أن البرنامج به إيحاءات جنسية إلا الآن فقط, و أولئك لم يطيقون أن ينتقدهم أحد, بينما سمّوا سُلطة الإخوان بالديكتاتورية الإخوانية.

و ظهر ذلك جليا في حديث الوزير حسام عيسى عن كون وزير الداخلية أخبره أن الشرطة ليس معها خرطوش و أنه مُجرد " رصاص بيلسع " مع مقارنته بحديث الكتاتني الذي لم يختلف كثيرا عنه, عندما كانت السلطة معه.

***


على المستوى الشخصي تعلمت في هذه السنة " البوح " و مارسته بقوة,
في ظل مُجتمع خانق, يُطلق على الحب " مُراهقة ", و على المحاربة من أجله " قلة نضج ", و يربط وجع الفراق بالرجولة.

بينما كان حُب الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة بوحٌ لا يُمارسه المُجتمع, حينما قال عليه الصلاة و السلام أنها أحب الناس إلى قلبه, و وجعه على فراق ابنه إبراهيم رحمة و رقة قلب.

و بين مواقف عمرو حمزاوي التي صُنفت بعضها بالمواقف الشجاعة, كان موقفه حين باح بحبه لزوجته الحالية " بسمة " أكثر المواقف شجاعةً.

و أنا في هذه السنة أحببت فأخبرت, و تعثر الأمر فحاربت, و افترقنا فوُجعت, و عبَّرت عن وجعي بكل صورة مُمكنة, حتى تطهرت, أو شارفت على ذلك.

تعلمت أن البوح هو الشجاعة الكُبرى بعد شجاعة الإعتراف بالخطأ و الإعتذار عنه,
و مارست البوح دون إلتفاتا لتعليقات البعض, أو رأي المُجتمع.

و إن دفعت ضريبة صدقي و بوحي في ذلك المُجتمع, فهي ضريبة أرحب بها و قد أتت مع كسر تابوها آخر من تابوهات المُجتمع التي كسرتها على التوالي.

البوح تطهر, و الصدق شَرطَه الوحيد.

***

سنة 2013, حملت بين طياتها دماً كثيرا و بوحاً و وجع..
لعل السنة القادمة تحمل عدلا, و نتاج صدقٍ, و حباً, و أمل.




Saturday, December 28, 2013

دولة الجلاش

أصدرت النيابة أمر ضبط و إحضار بحق أحمد ماهر, لاتهامه بالتظاهر بدون إذن أمام مجلس الشورى في القضية الشهيرة و التي تم حبس بعض الثوار على إثرها, 
فذهب ماهر لتسليم نفسه, و ذهب معه بعض المتضامنين, في مسيرة صغيرة, إنتهت بوقفة.

لم تتم إدانة ماهر بشيء في التهمة المنسوبة إليه, لأنه لم يكن حاضرا ذلك اليوم في الأساس, لكن النيابة ألصقت به تُهمة جديدة و هي " التظاهر بدون إذن أمام محكمة عابدين " تلك التي سلم نفسه للنيابة على إثرها.

**

و بعدما حدث ذلك التفجير في مديرية أمن المنصورة, إنتظر الجميع الجهود الأمنية للكشف عن الفاعل و إلقاء القبض عليه, ذلك الفاعل الذي قام بالتفجير داخل عرين الداخلية, لكن الإنتظار لم يطل كثيرا, فقد قامت جماعة " بيت المقدس " بتبني التفجير, و أعلنوا مسئوليتهم عنه, و بذلك لم يعد الفاعل خافيا, لكن إنتظرنا رد الدولة و مجهوداتها في القبض عليهم, و لم ننتظر كثيرا أيضا.. فلقد تم إعلان جماعة " الإخوان المسلمين " جماعة إرهابيا ردا على تبني جماعة " بيت المقدس " ذلك التفجير المذكور.

**

أما ذلك الصيدلي, فقد كان يقف في صيدليته يصرف روشتة دواء, عندنا هجم بعض البلطجية على الصيدلية, فكسروا محتوياتها, و حرقوها تماما, فجمع الصيدلي حزنه و غضبه, و توجه إلى قسم الشرطة, ليُحرر محضرا بما حدث, لعل الداخلية تقبض على الجناة و تحولهم للنيابة ليُحاكموا أمام القضاء الذي قد يأتي له بحقه, 
و بالفعل تحركت الداخلية سريعا و ألقت القبض عليه, ألقت القبض على الصيدلي الذي حُرقت صيدليته.

**

و عندما قرر ذلك المصدر الأمني إخراج تصريحا لجريدة الشروق مُعلقا على تفجير المنصورة, لم يجد إلا ذكر " أن ذلك التفجير لن يكون الأخير ", بينما صرح قيادي جهادي سابق  لنفس الجريدة " أن السبب في الأحداث المؤسفة التي تمر بها البلاد هو تجريف وزارة الداخلية من ضباطها الأكفاء " 

**

و عندما رفعت لجنة الخمسين شعار " دستور لكل المصريين " وضعت تحته صور خمسة أشخاص, منهم ثلاثة غربيين, من الولايات المتحدة الأمريكية و أيرلاندا, 
لكن قد يكون السيد عمرو موسى قد قرر تدارك ذلك الأمر, بمشاركته لوزير الإتصالات بزرع " شجرة الدستور " في القرية " الذكية " , و يبدو أن ذلك جاء للتدليل على أن المصريين القدامى قد امتهنوا زراعة الشجر من قبل, لكن قد تكون قراهم كانت أكثر ذكاءً من قرانا.

بينما أعلن الدكتور أبو الغار - عضو لجنة الخمسين - أنه بعد مأدبة عامرة أقامها المجلس العسكري للجنة الخمسين, تم توزيع عليهم نُسخة من مُسودة الدستور الذين قاموا بأنفسهم بإعدادها, لكنهم فوجئوا بأنه قد حدث تزوير لبعض الكلمات, لكنهم قرروا أن يتجاوزوا ذلك تجنبا لشماتة الإخوان بهم.

**

أما عن الرئيس المعزول " مرسي " فقد كشف أمر الإحالة للجنايات الصادر من المستشار حسن سمير قاضى التحقيق المنتدب من وزير العدل تضمنه لإتهام مرسي بسرقة الدواجن و الماشية الموجودة في سجن طرة إبان أحداث الثورة, و يبدو أن شهود تلك الواقعة كُثر, و أنه بالإضافة لذلك الأمر المؤُسف, و على غرار الشيخة ماجدة المُباركة, قام مرسي بالإستعانة بإيران, و حزب الله, و حماس لفتح السجون, و أنهم كانوا يتحدثون إنجليش لانجويج بطريقة جيدة, بينما تهمته الكبرى أنه كان يتهاتف مع رؤساء و مديري مخابرات العالم, أقصد يتخابر معهم عن طريق المُهاتفة.

**

و على صعيد الرياضة, و تعليقا على الغرامة التي وقعها الفيفا على مصر لإذاعتها مباراة مصر و غانا على قنواتها دون شراء الحقوق اللازمة لذلك, و التي كان قد تم بيعها بالفعل لقنوات الجزيرة, التي قررت إذاعة المباراة على قنواتها المفتوحة ليكون مُتاحا لمشاهدة جميع المواطنين العرب, 
و قد وقَّعت الفيفا غرامة 2 مليون دولار على مصر كغرامة على ذلك, 
ليُعلِّق السيد " عزمي مجاهد " المسؤول الإعلامي في اتحاد الكرة المصري قائلا : "إذا عاقبوا مصر على بث مباراة، عليهم أن يعاقبوا الجزيرة أيضا على سرقة سيارات البث الخاصة بالتليفزيون المصري في اعتصام رابعة ".و هناك أخبار بالفعل أن إعتصام رابعة كان برعاية الفيفا.

**

و أخيرا, و في إطار حربها على الإرهاب, قررت الداخلية أن قائد أي مسيرة ضد الإنقلاب سيكون عقابه " القتل " بينما المتظاهرون العاديون فعقوبتهم " خمس سنين سجن ", بينما أمرت النيابة بالتحري عن هؤلاء الأشخاص الذين يضعون صور إشارة رابعة على مواقع التواصل الإجتماعي, تلك الإشارة التي تُعبِّر عن إدانتهم لما يسمونه " مجزرة " حدثت على يد الأمن أثناء فض إعتصام رابعة العدوية, و الذي تم فيه قتل المئات. 

و فورا, أعلنت الداخلية عن تخصيص أرقام ساخنة لتستقبل عن طريقها بلاغات المواطنين الشرفاء عن هؤلاء الذين يشكون في كونهم إخوان, و بصوتٍ وقورٍ أعلنت التلفزيونات المحلية عن أهمية ذلك لإثبات الوطنية.

**
أما بعد, فمن أجل ذلك إخترعوا الجُلاش.

**

ملاحظة:
للمزيد من أخبار مصر إبحث عن طريق الهاشتاج الآتي : #جلاش

Wednesday, December 25, 2013

البحث بدواخلنا عن ثورة


خلال ثلاثة سنوات فقدت الثورة كثيرا من المُلتفين حولها, ساسة و شباب كان ثوريا ثم تغيَّر, فالثورة كاشفة, و المستمرون فيها دخلوا يناير 2011 بقلوبٍ و عقولٍ مُغايرين لقلوبهم و عقولهم الآن. 

و كذلك فعلت.

الوضع الحالي في مصر - و نحن على مشارف يناير للمرة الثالثة بعد الثورة - غير مُهيَّأ لأي عمل سياسي بشكله التقليدي,
فخارطة الطريق مُلطَّخة بدماء مئات معارضيها, و المعتقلون من كافة التيارات المعارضة يملؤون السجون, و كل فردٍ خارجها هو مشروع شهيد, أو مُعتقَل. 

لا يمكن أن يكون هذا هو المناخ المُناسب لممارسة السياسة, لكن زراعة فكرة فشل الثورة هي الخطر الأكبر على الثورة.

***

لكل حكاية أصل, و أصل ثورتنا كُل حكاية لشاب أو فتاة أو مجموعة شباب فعلوا شيئا صغيرا بروح الثورة بعد سقوط مبارك, 
لو تابعنا ما قام به الأفراد أو المجموعات الشبابية المحلية الوليدة, ستجد بين الجميع متشابهات كثيرة, الجميع قام بنفس الخطوات في منطقته, استخدموا نفس الأدوات, ابتكروا عمل فردي أو جماعي مشابه لإبتكارات بعضهم البعض,
لم يكن هناك من قائد يُحركهم, أو خطة يُطبقها الجميع بتفانٍ و إتقان, لكن ربطهم جميعهم رباطٌ قويٌ و متين يُدعي روح الثورة. 

لكل حكاية أصل, و أصل الثورة روحها.

***
تلك الروح ربطت بين كل تلك المجموعات المحلية برباطٍ وهمي لكنك تستطيع أن تراه بعين قلبك و عقلك واضحا و جلياً, و انقطع ذلك الرباط عندما أطلت علينا صناديق الإنتخابات برأسها, فانقسم الشباب بين مُؤيدٍ لفلان حتى التقديس, و معارضٍ له حتى التخوين. 
لكن مجموعة محلية في منطقة حدائق القبة, حافظت على تماسكها, لأنها قررت أن تأخذ موقف مبدأي برفض بعض المرشحين, من يتفق عليهم الجميع أنهم مُجرد مُمثلون للثورة المضادة, و تركت التأييد للأفراد, كلٌ لرأيه. 
هربت من فخ الصناديق, لرحابة فكرة الثورة, 
لكن من حزا حزوها ليسوا كُثر. 

***

هذه المجموعات الثورية المحلية كانت النواة الأولى لنجاح الثورة, 
دعونا نتفق أن فكرة تحقيق العدل بطريقة كاملة, فكرة قد تتجاوز الحلم الوردي, لكنها مُجرد كابوس عندما يحلم به الثوار, بينما يحكم غيرهم.
العدل لن يأتي بدون أن يحكم الثوار, أو يشاركوا في الحكم بطريقة مُؤثرة, 
و هذه المجموعات الغير مترابطة, كانت تُشكل شبكة خيالية تجمع بينها الفكرة و الروح و الثقة, و تحولت لُكتلة مُؤثرة في نُقاطها المحلية, و لو رسمنا خطا بين تلك المجموعات, لظهرت أمامنا خريطة واضحة تُعبر عن شبكة قوية للغاية قد تكون مُنافسة لأقوى حزب او جماعة في مصر.

***

تفرق شباب المجموعات المحلية بين الأحزاب, و بين الحركات, و بين العودة إلى الحياة التقليدية الرتيبة و في الحلق غُصة, 
لكن ظهرت على الساحة جبهة طريق الثورة " ثوار " بفكرة جعلت بعض هؤلاء الشباب يتجاوزون ضيق الحزب أو الحركة, إلى التحرك مع بعضهم البعض مرة ثانية.
كانوا قوة مُعطَّلَة, أو على الأقل تعمل بنصف جُهدها.
الكُل يعمل في مكانه بنفس تلك الفكرة العبقرية, لكن بقليل من التعارف, فهم يعرفون بعضهم البعض, لكن ما يجمعهم حقيقة هي الروح, و الفكرة, و الثقة.

لكن ما تحتاجه الثورة يقينا, هو تجربة مُماثلة أو موازية, بنفس الروح و نفس الفكرة و نفس الثقة, تخدم حيها أو منطقتها, و تبني قواعد من الثقة و الألفة مع أهل كل حيٍ و كل شارع و كل حارة, 
مجموعات تتجاوز الأيدلوجيات, و تتجاوز صراعات العواجيز, و تتعاون لبناء تنظيم شبكي تخيلي, يُفرز لنا كوادر شعبية و نقاط قوة مُؤثرة على الشارع,
بالإضافة لورشات عمل متنقلة لا تهدف إلا لتأهيل هؤلاء الشباب - بغض النظر عن إنتماءاتهم - ليكونوا ليس فقط مُؤثرين شعبيا, بل قادة حقيقيين يملكون الحدود الكافية من المعرفة السياسية و الإجتماعية و الحقوقية التي تُؤهلهم لتلك الأدوار العطشى لمثلهم.

***

It's never too late

فالبرغم من تأخرنا في القيام بتلك النقطة بتلك البصيرة, لكن قد يكون ذلك هو الموعد المناسب تماما, فمن سعى لمنصب رحل, و من أحب أن يكون في ركاب السلطة إرتحل إليها, و بقى من يشعر بالخطر الحقيقي على ثورته و حلمه, هؤلاء الذين يستطيعون تجاوز الإختلافات لمساحات واسعة من الإتفاق و المتشابهات, ليتعاونوا فيما اتفقوا فيه و يعذروا بعضهم البعض فيما اختلفوا فيه. 

تلك الشبكات التي لو تكونت, أو أُعيد تكوينها على بصيرة هذه المرة, ستكون خطوة أولى لفرض رأي الثورة على الدولة بداية من قواعدها, و فرضه أيضا بطريقة ناعمة على المزاج الشعبي العام, و خلق الشباب الذين يستطيعون ليس فقط التغيير, لكن أيضا ملئ كل فراغٍ يُتاح لهم, بكفاءة عالية.

***
إن لم تستطع إجبار النظام على توفير إحتياجاتك, لا تغيره فقط, لكن كُن بديله أيضا.

Tuesday, December 10, 2013

عشرة أسباب تجعلني أرفض الدستور.

عشرة أسباب تجعلني أرفض الدستور:
1-      لأني دمي حامي, و إذا نظر أحدهم إلى صديقتي نظرة مش ولابد, في الغالب سيستقبل مني بعض العنف بالرغم من كوني أميل إلى السلم, و إذا قادني حظي العثر لبنزينة مملوكة للجيش و لعامل بها عينه زايغة شوية, فسأضطر أن أبلع ريقي ثلاثة مرات, قبل أن أقرر إن كانت صديقتي و حبيبة قلبي تستحق أن تتم محاكمتي عسكريا بُتهمة التعدي على أفراد أو منشأة عسكرية أم أن العمر مش بعزقة.
الدستور مازال على منوال الدستور السابق,يُدستر المُحاكمات العسكرية للمدنيين, الذي لم تحمل إلا تاريخا من الظلم و القهر, منذ بداية إستخدام الحاكم لها و حتى المحاكمات العسكرية الأخيرة التي لم يحصل فيها المُتهم على أية حقوق تمكنه من الدفاع عن نفسه.

2-      لأن ليس من طموحي الشخصي أن أعمل ويتر.
الدستور يُعطي الحق للجيش بأن يُوظف الشباب -الذين أصابهم الدور في التجنيد – في أي شيء, و ليس فقط تدريبه على حمل السلاح للدفاععن الوطن, بل قد يكون مُجرد ويتر في أحد فنادق القوات المُسلحة تحت مُسمى "خدمة عامة" , و يعمل بأجر متدني إذا رأوه أجرا عادلا,  ليكون ترسا في ميزانية القوات المُسلحة التي لانعرف عنها شيئا, فقد إستمر إدراجها في الدستور كمادة واحدة, دون رقيب من الشعب أوحسيب, مُكرسة لفكرة وجود دولة داخل الدولة.

3-      دسترة, السيد فريق أول عبدالفتاح السيسي
في ظل مرحلة مُتخبطة, مادة وجوب موافقة المجلس الأعلى للقوات المُسلحة على تعيين وزير الدفاع لمدة فترتين رئاسيتين كاملتين, تجعل في هذه الفترة التطاحن بين المؤسسات أمرا بديهيا, و هيمنة المؤسسةالعسكرية على الدولة, ليس فقط سبب في عدم إستقرار الوضع السياسي في مصر, بل تهديدا للعملية السياسية برمتها في أي وقت,
و بغض النظر عن ترشح السيسي في إنتخابات الرئاسة أو عدم ترشحه, ستكون هذه المادة مشكلة, ليس فقط طوال الثمانية سنوات, لكن ستمتد إلى ما بعدها.

4-      إحتمالية تحول السيدة والدتك من ست بيت لإرهابية.. كله وارد
المادة التي تُقر إلتزام الدولة بمكافحةالإرهاب, يُعبر عنها الفنان عبدالرحمن أبو زهرة في الفيلم القصير " مُحَاصَر", فبدون تعريف واضح للإرهاب قد يكون الإرهابي أي شخص تُقرر السلطة كونه كذلك, بالرغم من أن أحيانا تكون السلطة الحاكمة هي أكبر مصدر صانع للإرهاب ومُمارسٌ له.
بدون تعريف واضح للإرهاب قد تجعل تلك المادة السيدة والدتك المصون.. عُنصر إرهابي, لأن السلطة ترى ذلك.
و تنص المادة على تعويض المُتضرر, بالرغم من الحكمة المعروفة, تعويرة الوش مافهاش معلش.

5-     أنا بكتب, و مش عايز حد يحجر على ما أكتب
العمل الأدبي و الإبداع الفني, قد تُحرك النيابة دعوى لمصادرته أو وقفه, و قد أكتب رواية ليُصادف أن النيابة ترى فيها ما يستحق المنع أو المُصادرة, فتجعل من نفسها سيفا على رقبة الأعمال الأدبية و الفنية, دون وجود أي ضوابط مُعلنة تجعلني أعرف ما هي الأشياء التي قد تُعكر مزاج النيابة الموقرة.

6-     لو عندك مظلمة,إخطرنا إنك هتحتج, و احنا هنقولك إحتج في سرك.

في هذا الدستور أعطوا حق التظاهر و تنظيم الإجتماعات بالإخطار, كتر خيرهم, لكن أضافوا على النحو الذي ينظمه القانون, و القانون غير معروفة ملامحه, إلا لو كان القانون الحالي الذي تسبب في حبس كل من وقف في الطريق ليُبدي معارضة, و ضربْهم, و إقتحام بيوتهم, وإلقاء البنات منهم في الصحراء.
فقد يحوِّل القانون كلمة " إخطار " لتذكارٍ لطيفٍ يتباهى به المتباهوون بالديباجة.

7-     خطابي كراهية, وخطابهم ليس كذلك.. زمبؤلك كده

ففي ظل خطاب إعلام الدولة الذي مُلئ بالحض على الكراهية تحت دعوى مُحاربة الإرهاب, أتى الدستورالجديد بُجملة "     "الحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون"
دون أي تعريف لتلك الجملة, فقد يكون النقد القاسي لأحدهم حضا على الكراهية, و قد يكون إعلامهم الرسمي الذي يقول بوضوح " إحنا شعب و هما شعب " حضاً على المحبة.

8-     حد أدنى للإجور و حد أقصى .. على ما قُسم.
فالمادة تتحدث عن الحديّ الأدنى و الأقصى دون ذكر لعدم وجود إستثناءات, و تستبدل ذلك بإحالتها للقانون, الذي ببساطة يستطيع تجاوز الإلزام تحت مسميات مُختلفة, ليفتح الباب لإستثناءات واسعة مثل في قطاعيّ البترول و البنوك.

9-     كريم الإزالة أفضل من كريم التشقير.. نصيحة لكِ سيدتي

طبقا للجميلة التي تسكن في ذلك الطابق المرتفع, كريم التشقير تستخدمه السيدات لإخفاء الشعر الزائد ولإعطائه لون مشابه للون الجلد, و أنا أعترف أن بخلاف مادة المحاكمات العسكرية للمدنيين, و مواد القوات المسلحة, دستور لجنة عمرو موسى, أفضل من دستور لجنة الغرياني,
لكني لكوني صيدلي أنصح السيدات بإستخدام كريمات إزالة الشعر و ليس كريمات التشقير, كذلك أفضل ذلك في دستور مصر.

10-  أنا لم أذهب لوراء مصنع الكراسي قبل ذلك, و لا أنتوي أن أفعل.
و دمتم بلا ديباجة