Friday, April 18, 2014

الحريــَّة ليهم كمان.

في العلاقات الشخصية يُمارس الأهل و المجتمع أحيانا كثيرة ما قد يُوصف بـ" الإبتزاز العاطفي " في محاولة منهم للتأثير على قراراتك الحياتية, و على أخذ طريق يتناسب مع أفكارهم.
جميعنا قد يكون خضع لبعض تلك الإبتزازات في وقتٍ ما أو قاومها.

في الحياة السياسية الأمر لم يختلف كثيرا,فتم ممارسة ذلك الإبتزاز بطريقة مُتكررة على كل صاحب رأي, سواء كان من مشاهيرهم أومن المغمورين.

البعض أطلق على ذلك كلمة " مزايدة" و تم استخدامها على نطاق واسع تبريرا لمهادنات و صفقات و مصالح شخصية داست على مبادئ عدة في طريقها, لكنها اسُتخدمت أيضا لتحويل بعض المواقف الشخصية التي لاتتعارض مع الأفكار المبدئية في شيء, لتتخذ مسارا مُهادنا للبعض, سواء كان هؤلاء البعض ثوارا, أو عوام الناس.

بداية من تولي الإخوان الحكم في مصر زادت تلك الوتيرة من الإبتزاز بشكل واضح, على الثوار عامةً, و على عاصري الليمون خاصة,فأصبح لوم فعل الثورة الذي أتى بالإخوان أو انتخاب مرسي, سيفا مُسلطا على رقاب الثوار و على من انتخبوا مرسي, و أصبحوا مُطالبين كل يوم أن يُعلنوا عداوتهم للإخوان بأكثر الطرق وضوحا, بل و تلك الطرق الواضحة لا تكفي المبتزين, فيبتزوهم ليأخذوا مواقفا أكثر حنجورية أو تميل للتطرف.

و بسبب ذلك رفض البعض تولي مسؤوليات في حكومةقنديل, و بسبب ذلك أيضا تغاضى البعض عن انتقاد عُنفٍ تم ممارسته من مجموعاتٍ تنتمي للحزب الوطني و رجاله تحت غطاء ثوري.
كانت فترة عصيبة, و الإبتزاز وصل إلى إتهامات بأنهم " خلايا نائمة للإخوان " إن لم يستجيبوا لذلك الإبتزاز, أو قد يُنهي كل تاريخهم و يحرق كل مواقفهم لأنهم لم يتبنوا موقفهم.

**

فض رابعة مذبحة, مذبحة لم تحدث في تاريخ مصرالحديث, و سيكتب التاريخ أن عصابات الحاكم المُسلحة قد قتلت مئات المصريين في ساعتي زمن من أجل كرسي السلطة.
لكن بناءً على ذلك يُمارس الإخوان المسلمين وأنصارهم إبتزازا عاطفيا على المتضامنين ضد القتل, فمن رأى فض رابعة مذبحة يجب أن يشاركهم الهتاف بعودة مرسي, و أي فعل غير ذلك هو بيع لدم الشهداء.

الدم الذي حُمِّل بمساعٍ سياسية ضيقة, وحوَّل شعارا كان من المُمكن أن يكون شعارا إنسانيا جامعا إلى شعارٍ رافعه بالضرورة يطلب شيئا سياسيا غير مُتفق عليه, حُمِّلَ ذلك الدم أيضا ابتزازا عاطفيا بئيسا.
**

من المعروف أن اليهود تعرضوا لمذابح على يد هتلر, و استخدموا تلك المذابح كابتزاز عاطفي على مر السنين, ليطلبوا على هامش ذلك ماليس لهم بحق, بل و يبرروا جرائما مهولة مارسوها هم لاحقا.

**
على الجانب الآخر استمر من ابتزوا الثوار في فترة حكم مرسي على طريقتهم من الإبتزاز, فالجميع يجب أن يُؤيد السيسي و إلا أصبح مُؤيدا لعودة مرسي, الجميع يجب أن يقول أن فض رابعة كان بطولة من الداخلية في قتل مُجرمين لا يستحقون غير القتل وإلا أصبح غير وطني, الجميع يجب أن يسكت على الإعتقال العشوائي و بلطجة الداخلية و تسييس القضاء و هرتلة جهاز الكفتة, و لحس السيسي لكلامه السابق و ترقية نفسه و ترشحه للرئاسة, و مناماته العجيبة, و إلا أصبحوا عملاءً و طابورا خامسا.

و حتى إن واتتك الشجاعة لتخرج خارج ذلك الحيز من الإبتزاز مُتحملا المخاطر المُحتملة, فيجب حين انتقادك للسيسي أو النظام القائم, أن تنتقد الإخوان بأي شكل, حتى و إن أقحمتهم إقحاما في موضوع غير مُتعلق بهم,
أن تحاول طيلة الوقت إثبات أن فلان الذي تم اعتقاله ليس إخوانيا, بل و تزيد مُحاولا إثبات أنه كان ضد الإخوان,
أن تدعو على السيسي حين انقطاع الكهرباء,لكنك تدعو على مرسي أيضا بالمرة.


**
" من ليس معي فهو ضدي " جورج بوش أثناء تدشينه حملته الإرهابية للحرب على الإرهاب.
**

و تجلَّى ذلك الإبتزاز في تعليق أحدهم على مسيرة مُطالبة بالإفراج عن المعتقلين " ناقص إنكم تطالبوا بحرية الإخوان كمان "

عدم انصياعك للإبتزاز قد يصنع لك بعض الشوشرة, تلك حقيقة, و قد يحرق تاريخك تماما, تلك حقيقة أيضا,
لكن الحقيقة الأهم أن انصياعك له مرة, سيجعلك تنصاع له مرة تلو الأخرى, حتى تُصبح في يومٍ ما مثل هؤلاء النُخب الذين لا تجد لمواقفهم تفسيرا.

لذا فنعم أنا أطلب الحرية للجميع, جميع المعتقلين, فلا النظام يُريد تطبيق العدل, ولا يسعى لذلك, بل إن النظام أجرم في حق المصريين كما لم يفعل غيره,

نعم أطالب بالحرية للإخوان, الحرية ليهم كمان.

Thursday, April 3, 2014

داعش التي أعرف.

داعش هو إسم مُختصر لما تُعرف بالدولة الإسلامية في العراق و الشام, و هو تنظيم جهادي تكفيري يضم جنسيات مُختلفة, و انبثق عن تنظيم " الدولة الإسلامية في العراق " بقيادة أبو بكر البغدادي. 

ذاع صيت داعش بعدما انتشر ما يقومون به سواء من قمعٍ للحريات العامة, أو الصدام مع الفصائل الجهادية الأخرى, فضلا عن الفصائل الثورية المعارضة. 

و الإنتقاد الموجه لداعش يخرج من كل الإتجاهات الفكرية, فحتى السلفية الجهادية بما فيهم تنظيم القاعدة, تبرأ من تصرفات داعش و أفعالها. 

و لكي أُبسِّط الأمور, سأضرب لك أمثلة من مصر قد تُساعد في تقريب الصورة لما يحدث هناك, في سوريا, على يد داعش.

***

داعش مجموعة من الأشخاص, قرروا صنع قوانينهم الخاصة التي يدَّعون إستلهامها من الكتاب و السنة, تلك القوانين قد ينتهكون بها الحريات, أو يقمعون بها الرأي, أو يتغاضون عن أشياءٍ واضحة الإنكار كوضوح الشمس, و يفرضون كل ذلك بقوة السلاح الذي بأيديهم.

***

في مصر هناك قوانين مكتوبة على الأوراق, لكن في حقيقة الأمر هناك قوانين خاصة, تفرضها الداخلية بقوة السلاح, 
فدستور مصر في مادته 65 يقول " ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر."

لكن على أرض الواقع, تم القبض و انتهاك حرية أشخاص في مواقف عدة لقولهم رأي لم يعجب السلطة, و تم التنكيل و ضرب بعضهم, و تم منع إصدارات ورقية و مرئية من قِبَّل النظام, و تم استهداف بعض المصوريين عن طريق قناصة بطريقة مُباشرة, أو تكسير كاميراتهم و ضربهم, حتى أصبح حمل كاميرا قد يُعرضك للمخاطر.

و يُعاني صحفيين من الإعتقال و الحبس بتهمٍ سخيفة. 

تلك القوانين الخاصة طُبقت أيضا على من نزلوا للشارع ليدعون الناس للتصويت بـ" لا " على مسودة الدستور المصري في الإستفتاء عليه, و بما أن القانون المُعلن المكتوب أقر قانونية فعلهم, استخدموا القوانين الخاصة بالقبض عليهم و محاكمتهم و إدانتهم أيضا.

و زادوا عن ذلك, فعندما ذهب طالب جامعي للسؤال عن صديقه الذي تم القبض عليه, تقصوا عنه و فتشوا في أشيائه الخاصة ليكتشفوا الكارثة, فــ" البيه " ينتمي لحزب مصر القوية, و بالتالي تم إلقاء القبض عليه و كتبوا في المحضر من ضمن ما ساقوه له من تُهم " ينتمي لحزب مصر القوية الذي يرأسه الإخواني عبدالمنعم أبو الفتوح " . 

القانون المكتوب يقول أن ذلك الحزب هو حزب رسمي يُمارس السياسة بقوة القانون, لكن قانونهم الخاص رأى انتماءه له تُهمة, فقبضوا عليه و حاكموا و مازال محبوسا.

تلك المواقف التي قد يعتبرها البعض مُلتبسة و التي طبقوا فيها قانونهم الخاص جبرا بقوة السلاح الذي يحملونه, لم تتساوى بمواقف واضحة تغاضوا عنها, 
فتحكي تلك الفتاة عن مُتحرش تحرَّش بها في عربة السيدات بالمترو, بعدما تجاوز القانون و استقلها, و عندما أمسكت به و حاولت تسليمه لأفراد الأمن توقعوا أنه لص, و لما علموا أنه مُتحرش قلَّ حماسهم أو انعدم, و توسطوا من أجل إطلاق سبيله حتى لا تجلب الفتاة الفضيحة لنفسها. 

تلك الأمثلة هي بالضبط ما تقوم به داعش انتهاكا لحريات الأشخاص و المجموعات و تطبيقا لقوانينهم الخاصة المتجاوزة لكل القوانين المُتعارف عليها و المعاهدات الدولية, خلق كلاهما قوانين خاصة بهما و عملا عل تطبيقها جبرا بقوة السلاح.

***

نقطة ثانية عن داعش, تلك القوانين الخاصة يتم تجاوزها إذا خص الأمر أحدهم, فعندما حدثت مُشكلة كبيرة بين داعش و مجموعة جهادية أخرى, رفضت داعش إقتراح من مجموعات و أفراد أن يُنشئوا محكمة تحكم بــ" شرع الله" يُحكموها بينهما, و تُصبح هي الحكم فيما قد يحدث بعد ذلك من إختلافات, حتى لا تصل الإختلافات لدرجة استخدام السلاح.

وافقت الفصائل الجهادية و رفضت داعش, لأن تلك المحكمة التي ستحكم بالشريعة الإسلامية - حسب فهمهم - قد تُدين بعضهم.
***

 في مصر قُتل المئات بدايةً من يناير 2011 عن طريق النظام, بعد سجل حافل من التعذيب الذي وصل لحد القتل في بعض الأحيان,

و تم نقل جرائم القتل بالصوت و الصورة عبر وسائل الإعلام المُختلفة, و تحت الضغط تم اتهام أفراد من الداخلية بقتل المتظاهرين, و اتهام القيادة السياسية.
و بالرغم من التجاوز عن اتهام أفراد من جهات أمنية أخرى, رغم وضوح ضلوعهم في القتل, لكن تطبيق القانون لم يكن حاضرا على من تم اتهامهمأيضا, فلم يحصل أحدهم على إدانة, و كانت البراءة للجميع هي العنوان العريض.

و تجلَّى ذلك التمييز في أوضح صوره, في قضية سيارة ترحيلات أبو زعبل, تلك السيارة التي كانت تحمل 37 مُعتقلا من المتظاهرين, و كانت بداخل قسم الشرطة, مُغلقة بلا منفذ للهروب أو الخروج أو الشغب, و ألقى أحد الضباط قنبلة غاز بداخلها, فمات ال37 مُعتقلا عن طريق الحرق و الخنق, فنسبت النيابة القتل إلى فاعلٍ مجهول, و حكمت على ضباط بتهمٍ مُتعلقة بالتقصير, بعشر سنين سجن لأحدهم, و سنة لثلاثة, مع إيقاف التنفيذ.

يأتي ذلك كله - بالرغم من مُخالفته للقانون - تطبيقا للقانون الخاص الذي يتجاوز عن فعل المجموعة التي تملك القوة و السلاح كما تفعل داعش, و الذي عبَّر عنه السيسي - المرشح المُحتمل لرئاسة الجمهورية - عندما قال في تسريبٍ شهير  أن الضابط الذي يضرب المتظاهرين لن يُحاكم, و أن المتظاهرين أنفسهم قد أدركوا ذلك. 

أدركوا أن القوانين المكتوبة غير نافذة عندما يتعلق الأمر بهؤلاء الذين يملكون السلاح.

***

ناشط سوري ذكر لي في مُجمل حديثه عن داعش, أنه في المدن التي دخلوها قاموا بتوفير الأمن للناس بمحاربة اللصوص و قطاع الطرق و قاموا بتوفير المواد الأولية بأسعار أرخص مما كانت, لذلك الناس اطمأنت لوجودهم وبعد حين عندما أرادت داعش فرض أسلوب حياة لم يعد بإمكان الناس وأد شوكتهم التي ثبتوها.
***

عندما ثار الناس في يناير 2011 ضد النظام و على رأسه الداخلية, كانت في الحقيقة ثورة على تلك القوانين الخاصة التي يفرضونها جبرا بقوة السلاح, و عندما تم تغيير رأس النظام, رفضت الداخلية القيام بواجبها المهني, كانت مُتقاعسة بدعوى أنها " مجروحة " لكن الأمر الواضح أنها كانت لا تُريد أن تعمل لفرض قانون غيرها, فرض قانون يُلغي قوانينها الخاصة, و يُعامل الجميع على قدم المساواة, و لا يُعطي لهم الغلبة بسلاحهم على الآخرين.

كان الأمن و مازال مرهونا بانصياع الجميع لتلك القوانين الخاصة المُتعارف عليها, فالعين لا تعلو على الحاجب, و حفظ الأمن منحة يُعطونها للمصريين, و ليست مهنة يأخذون راتبا للقيام بها.

و عن المواد الأولية و الأسعار الرخيصة, تقوم بذلك القوات المُسلحة, و في ظل حملات لدعم شعبيتها تُوزع هبات من تلك المواد الغذائية, أو تبيعها بأسعار زهيدة مع دعاية واضحة.
و ذلك كله غير مُنفصل عن دعم المجلس العسكري للسيسي في الإنتخابات الرئاسية, و الذي أخرج بيان يُفهم من فحواه ذلك, قبل أن يُصرح السيسي و هو ببدلة وزير الدفاع عن نيته في الترشح, و يذكر الكاتب محمد حسانين هيكل بوضوح أن السيسي هو مُرشح المؤسسة العسكرية.

يفرض النظام بقوة سلاحه قوانينه الخاصة, لكن لا ينفي ذلك أنهم يستطيعون أن يفرضوا بعض الأمن إذا انصاع الناس لقوانينهم, و قد يشترون الولاء بتوزيعهم لبعض العطايا التي هي في الأساس ملكٌ للشعب.
و كذلك تفعل داعش.

***

يقول مُتابعون أن داعش لن تعيش طويلا, و أنَّ إسقاطها أمرٌ ضروري, و أنه عندما يسقط بشار و نظامه, سيسقطها السوريين وراءه مُباشرة.

و أنا أؤيدهم كل التأييد في ذلك.

____

لينكات ذات صلة:

داعش.. شوكة جديدة في حلق سوريا " موضوع  للعبد لله عن داعش  " 
http://www.4shared.com/office/6d5x06hNba/_____.html

الضابط اللي هيضرب المتظاهرين مش هيتحاكم " تسريب مُصوّر للسيسي " 
http://goo.gl/93cC9o