Thursday, April 3, 2014

داعش التي أعرف.

داعش هو إسم مُختصر لما تُعرف بالدولة الإسلامية في العراق و الشام, و هو تنظيم جهادي تكفيري يضم جنسيات مُختلفة, و انبثق عن تنظيم " الدولة الإسلامية في العراق " بقيادة أبو بكر البغدادي. 

ذاع صيت داعش بعدما انتشر ما يقومون به سواء من قمعٍ للحريات العامة, أو الصدام مع الفصائل الجهادية الأخرى, فضلا عن الفصائل الثورية المعارضة. 

و الإنتقاد الموجه لداعش يخرج من كل الإتجاهات الفكرية, فحتى السلفية الجهادية بما فيهم تنظيم القاعدة, تبرأ من تصرفات داعش و أفعالها. 

و لكي أُبسِّط الأمور, سأضرب لك أمثلة من مصر قد تُساعد في تقريب الصورة لما يحدث هناك, في سوريا, على يد داعش.

***

داعش مجموعة من الأشخاص, قرروا صنع قوانينهم الخاصة التي يدَّعون إستلهامها من الكتاب و السنة, تلك القوانين قد ينتهكون بها الحريات, أو يقمعون بها الرأي, أو يتغاضون عن أشياءٍ واضحة الإنكار كوضوح الشمس, و يفرضون كل ذلك بقوة السلاح الذي بأيديهم.

***

في مصر هناك قوانين مكتوبة على الأوراق, لكن في حقيقة الأمر هناك قوانين خاصة, تفرضها الداخلية بقوة السلاح, 
فدستور مصر في مادته 65 يقول " ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر."

لكن على أرض الواقع, تم القبض و انتهاك حرية أشخاص في مواقف عدة لقولهم رأي لم يعجب السلطة, و تم التنكيل و ضرب بعضهم, و تم منع إصدارات ورقية و مرئية من قِبَّل النظام, و تم استهداف بعض المصوريين عن طريق قناصة بطريقة مُباشرة, أو تكسير كاميراتهم و ضربهم, حتى أصبح حمل كاميرا قد يُعرضك للمخاطر.

و يُعاني صحفيين من الإعتقال و الحبس بتهمٍ سخيفة. 

تلك القوانين الخاصة طُبقت أيضا على من نزلوا للشارع ليدعون الناس للتصويت بـ" لا " على مسودة الدستور المصري في الإستفتاء عليه, و بما أن القانون المُعلن المكتوب أقر قانونية فعلهم, استخدموا القوانين الخاصة بالقبض عليهم و محاكمتهم و إدانتهم أيضا.

و زادوا عن ذلك, فعندما ذهب طالب جامعي للسؤال عن صديقه الذي تم القبض عليه, تقصوا عنه و فتشوا في أشيائه الخاصة ليكتشفوا الكارثة, فــ" البيه " ينتمي لحزب مصر القوية, و بالتالي تم إلقاء القبض عليه و كتبوا في المحضر من ضمن ما ساقوه له من تُهم " ينتمي لحزب مصر القوية الذي يرأسه الإخواني عبدالمنعم أبو الفتوح " . 

القانون المكتوب يقول أن ذلك الحزب هو حزب رسمي يُمارس السياسة بقوة القانون, لكن قانونهم الخاص رأى انتماءه له تُهمة, فقبضوا عليه و حاكموا و مازال محبوسا.

تلك المواقف التي قد يعتبرها البعض مُلتبسة و التي طبقوا فيها قانونهم الخاص جبرا بقوة السلاح الذي يحملونه, لم تتساوى بمواقف واضحة تغاضوا عنها, 
فتحكي تلك الفتاة عن مُتحرش تحرَّش بها في عربة السيدات بالمترو, بعدما تجاوز القانون و استقلها, و عندما أمسكت به و حاولت تسليمه لأفراد الأمن توقعوا أنه لص, و لما علموا أنه مُتحرش قلَّ حماسهم أو انعدم, و توسطوا من أجل إطلاق سبيله حتى لا تجلب الفتاة الفضيحة لنفسها. 

تلك الأمثلة هي بالضبط ما تقوم به داعش انتهاكا لحريات الأشخاص و المجموعات و تطبيقا لقوانينهم الخاصة المتجاوزة لكل القوانين المُتعارف عليها و المعاهدات الدولية, خلق كلاهما قوانين خاصة بهما و عملا عل تطبيقها جبرا بقوة السلاح.

***

نقطة ثانية عن داعش, تلك القوانين الخاصة يتم تجاوزها إذا خص الأمر أحدهم, فعندما حدثت مُشكلة كبيرة بين داعش و مجموعة جهادية أخرى, رفضت داعش إقتراح من مجموعات و أفراد أن يُنشئوا محكمة تحكم بــ" شرع الله" يُحكموها بينهما, و تُصبح هي الحكم فيما قد يحدث بعد ذلك من إختلافات, حتى لا تصل الإختلافات لدرجة استخدام السلاح.

وافقت الفصائل الجهادية و رفضت داعش, لأن تلك المحكمة التي ستحكم بالشريعة الإسلامية - حسب فهمهم - قد تُدين بعضهم.
***

 في مصر قُتل المئات بدايةً من يناير 2011 عن طريق النظام, بعد سجل حافل من التعذيب الذي وصل لحد القتل في بعض الأحيان,

و تم نقل جرائم القتل بالصوت و الصورة عبر وسائل الإعلام المُختلفة, و تحت الضغط تم اتهام أفراد من الداخلية بقتل المتظاهرين, و اتهام القيادة السياسية.
و بالرغم من التجاوز عن اتهام أفراد من جهات أمنية أخرى, رغم وضوح ضلوعهم في القتل, لكن تطبيق القانون لم يكن حاضرا على من تم اتهامهمأيضا, فلم يحصل أحدهم على إدانة, و كانت البراءة للجميع هي العنوان العريض.

و تجلَّى ذلك التمييز في أوضح صوره, في قضية سيارة ترحيلات أبو زعبل, تلك السيارة التي كانت تحمل 37 مُعتقلا من المتظاهرين, و كانت بداخل قسم الشرطة, مُغلقة بلا منفذ للهروب أو الخروج أو الشغب, و ألقى أحد الضباط قنبلة غاز بداخلها, فمات ال37 مُعتقلا عن طريق الحرق و الخنق, فنسبت النيابة القتل إلى فاعلٍ مجهول, و حكمت على ضباط بتهمٍ مُتعلقة بالتقصير, بعشر سنين سجن لأحدهم, و سنة لثلاثة, مع إيقاف التنفيذ.

يأتي ذلك كله - بالرغم من مُخالفته للقانون - تطبيقا للقانون الخاص الذي يتجاوز عن فعل المجموعة التي تملك القوة و السلاح كما تفعل داعش, و الذي عبَّر عنه السيسي - المرشح المُحتمل لرئاسة الجمهورية - عندما قال في تسريبٍ شهير  أن الضابط الذي يضرب المتظاهرين لن يُحاكم, و أن المتظاهرين أنفسهم قد أدركوا ذلك. 

أدركوا أن القوانين المكتوبة غير نافذة عندما يتعلق الأمر بهؤلاء الذين يملكون السلاح.

***

ناشط سوري ذكر لي في مُجمل حديثه عن داعش, أنه في المدن التي دخلوها قاموا بتوفير الأمن للناس بمحاربة اللصوص و قطاع الطرق و قاموا بتوفير المواد الأولية بأسعار أرخص مما كانت, لذلك الناس اطمأنت لوجودهم وبعد حين عندما أرادت داعش فرض أسلوب حياة لم يعد بإمكان الناس وأد شوكتهم التي ثبتوها.
***

عندما ثار الناس في يناير 2011 ضد النظام و على رأسه الداخلية, كانت في الحقيقة ثورة على تلك القوانين الخاصة التي يفرضونها جبرا بقوة السلاح, و عندما تم تغيير رأس النظام, رفضت الداخلية القيام بواجبها المهني, كانت مُتقاعسة بدعوى أنها " مجروحة " لكن الأمر الواضح أنها كانت لا تُريد أن تعمل لفرض قانون غيرها, فرض قانون يُلغي قوانينها الخاصة, و يُعامل الجميع على قدم المساواة, و لا يُعطي لهم الغلبة بسلاحهم على الآخرين.

كان الأمن و مازال مرهونا بانصياع الجميع لتلك القوانين الخاصة المُتعارف عليها, فالعين لا تعلو على الحاجب, و حفظ الأمن منحة يُعطونها للمصريين, و ليست مهنة يأخذون راتبا للقيام بها.

و عن المواد الأولية و الأسعار الرخيصة, تقوم بذلك القوات المُسلحة, و في ظل حملات لدعم شعبيتها تُوزع هبات من تلك المواد الغذائية, أو تبيعها بأسعار زهيدة مع دعاية واضحة.
و ذلك كله غير مُنفصل عن دعم المجلس العسكري للسيسي في الإنتخابات الرئاسية, و الذي أخرج بيان يُفهم من فحواه ذلك, قبل أن يُصرح السيسي و هو ببدلة وزير الدفاع عن نيته في الترشح, و يذكر الكاتب محمد حسانين هيكل بوضوح أن السيسي هو مُرشح المؤسسة العسكرية.

يفرض النظام بقوة سلاحه قوانينه الخاصة, لكن لا ينفي ذلك أنهم يستطيعون أن يفرضوا بعض الأمن إذا انصاع الناس لقوانينهم, و قد يشترون الولاء بتوزيعهم لبعض العطايا التي هي في الأساس ملكٌ للشعب.
و كذلك تفعل داعش.

***

يقول مُتابعون أن داعش لن تعيش طويلا, و أنَّ إسقاطها أمرٌ ضروري, و أنه عندما يسقط بشار و نظامه, سيسقطها السوريين وراءه مُباشرة.

و أنا أؤيدهم كل التأييد في ذلك.

____

لينكات ذات صلة:

داعش.. شوكة جديدة في حلق سوريا " موضوع  للعبد لله عن داعش  " 
http://www.4shared.com/office/6d5x06hNba/_____.html

الضابط اللي هيضرب المتظاهرين مش هيتحاكم " تسريب مُصوّر للسيسي " 
http://goo.gl/93cC9o

No comments: