Thursday, November 21, 2013

النــَّـداهـة.


نزلت من بيتها صباحا, ترتدي تنورة طويلة و بلوزة يُغطى مُقدمتها حجاب ينساب من فوق شعرها ليغطيه مع كتفيها, 
نزلت بخطوات حذرة سلالم محطة مترو الشهداء في رمسيس, حتى وصلت لشباك التذاكر, وقفت في طابور طويل لتقطع تذكرة محاولة تحاشي اندفاع الناس أمام شباك التذاكر, تأخرت قليلا بسبب ذلك و تدافعت حبات العرق لتتساقط بمهلٍ على وجنتها, و أخيرا قطعت تذكرة و دخلت الرصيف المزدحم, حاولت المرور بحذر بين الجموع حتى تصل لمكان عربة السيدات, و بدأت تُسرع خطاها بعض الشيء عندما وجدت المترو يدخل للرضيف بالفعل, و قبل وصولها لمكان عربة السيدات ببرهة انفتحت أبواب المترو, و لم تجد نفسها إلا مدفوعة بالسيل البشري حتى الحائط, و عندها حدث ما حدث, تم التحرش بها عن طريق ايدٍ كثيرة لم ترى وجوه أصحابها من كثرتهم و انتهى بها الحال بثيابها مُهلهلة على جسدها المكشوف من كل مكان.

إذا حكيت هذه الواقعة لأحدهم فكان رده, أنها بالتأكيد كانت ترتدي ثيابا ضيقة مكشوفة تُغري أيدي الشباب الجائع أن تلتهمها و تُعطي لهم إنطباعا أنها تُريد ذلك, بل و يبتسم إبتسامة صفراء مقيتة و يُكمل, كلهن يُردن ذلك. 

فأخبرته بل كانت ترتدي ثيابا طويلة فضفاضة, فكان رده بدون تردد.. إيه اللي نزلها في وقت زحمة زي ده ؟ إيه اللي وداها هناك؟ 

ما تعليقك على هذا الشخص؟ 
____


لم يذكر الرجل أي كلمة لومٍ للفاعل, للمتحرش, بل فقط هاجم الضحية و حمَّلها المسئولية, حتى و إن لم يجد ما يُحمّلها إياه إلا أنها نزلت من بيتها, بل و لمَّح بسادية أنها تُحب أن يتم التحرش بها. 

مُجتمع أفرز مثل ذلك الرجل الذي لا يلتفت إلا لاتهام الطرف الأضعف, جلده بسوط ظنونه, و كال الإتهامات له من كل جانب, بينما لا يرى المُجرم الذي تحيَّن فرصة ضعف الآخر ليقهره و يُنكل به.

هذا المُجتمع من طبيعته أن يُفرز لنا كل كم التشوه الذي يملأ حياتنا الآن.
____

في فترة المجلس العسكري ظهر تعليق المواطنين الغير شرفاء و بعض الإسلاميين من مثيلة ذلك الرجل أعلاه, إيه اللي وداهم هناك؟ 
تعليقا على قتل عشرات الشباب في مواقف مُختلفة, 
بحثوا عن عُذر للقاتل المُجرم, و اتهموا المقتول 

ثم زادوا بتبرير فعل المُجرم, بأن العباية بالكباسين و كانت ترتديها على اللحم, و الفتاة أمامهم بشكل واضح يتم تعريتها و ضربها بلا هوادة, 

رحل الإسلاميون من الحكم بعدما دارت الدائرة و نُكل بهم كما فُعل بغيرهم على نفس الأيدي, و دارت الدائرة فتحول بعض لاعنيهم لمُبررين نفس الفعل بهم, إيه اللي وداهم هناك ؟
____

يقولون من ندهته الندَّاهة و لبى نداها لا يعود أبدا, 
و يبدو أن من يقوم بدور الرجل أعلاه مرة لا يتخلص أبدا من هذا الدور مرة ثانية, فعندما برروا قتل الإسلاميين بنفس تبريراتهم المُجرمة في تحميل الضحية مغبة فعل الجاني, و التكالب على الطرف الأضعف ليكيلوا له كل الإتهامات المُمكنة و يغضوا الطرف عن القاتل المجرم. 
تصوّر بعضنا أنهم يفعلون ذلك بندالة مع خصومهم فقط, لكن وضح أن الأمر غير صحيح. 

فنفس التبريرات التي كُنا نسخر منها و نلعنها خلال سنتين ..ساقوها هم هذه المرة ضد من لم يكونوا يوما إلا بجانبهم, فالداخلية تقتل " المُخربين " و " المندسين و الطرف الثالث " هم من أشعلوا الموقف, و من دعا للنزول هو السبب في الدم, و ليس القاتل هو السبب.


لم تتساقط الأقنعة, بل تعرت الضمائر و كُشفت العورات, و من ندهته النداهة و لبى ليس منَّا و لسنا منه

Wednesday, November 13, 2013

الدم على الأرض خريطة.


عندما تم قتل خالد سعيد على يد الداخلية رسم بدمائه خريطة تتبعها البعض ضد ممارسات الداخلية الوحشية, و عندما حدثت مذبحة كنيسة القديسين أكملت دماؤهم في رسم خريطة ضد التطرف و الطائفية و استخدام السلطة لذلك عمدا و تورطها فيها, ثم مقتل سيد بلال على يد الداخلية ليُكمل الصورة و يؤكدها.

عندما نخرج في طريق سفرٍ جديد, نلجأ لخريطة صغيرة تُحدد لنا العلامات و الإتجاهات لنمشي في الطريق الصحيح حتى نصل. 

و ليس للثورة خريطة إلا دماء شهدائها, 
حينما سقط أول شهيد في السويس, حددت الخريطة الإتجاه بوضوح, النظام يجب أن يسقط, 
و يوم جمعة الغضب لم يكن بيننا خائنٌ لدماء الشهداء التي روت الكباري و الشوارع و قطرت عطرا في النيل, 
و يوم موقعة الجمل, عرفنا أن الجيش لم و لن يكون في صفنا, و يوم ماسبيرو كانت الدماء ترسم لنا طريقا جديدا ليكون سقوط دولة العسكر غاية.

قراءة البعض للعلامات ليسيروا في الإتجاهات الصحيحة كانت متفاوتة, فاختلت اتجاهات بعضهم مُبكرا حينما جلس مع عمر سليمان, و بعضهم حينما سالت دماء الأقباط, و بعضهم مشوا في طرقٍ بعيدة, و مزقوا كل خريطة, و اتبعوا بدلا من دماء الشهداء.. تعليمات العسكر..
و تجلَّى ذلك في محمد محمود. 

لكن الأغلبية الكاسحة اتبعوا العلامات الصحيحة, فعندما سال الدم في محمد محمود كانوا هُناك, يسيرون لنصرته, دون إلتفاتا لحسابات سياسية, أو يتبعون أفكارا انتهازية, أو مصالح شخصية.

و توالت الأحداث و الدماء تسيل لترسم الطريق بوضوح, وضوح لم يره من هتف بأن المشير أمير, أو رآه و التفت عنه ليسير وفق علاماته الخاصة.

وفقا للشبكة العربية لحقوق الإنسان, وصل عدد الشهداء في فترة حكم المجلس العسكري ل 215 شهيد, بما في ذلك مجزرة الألتراس في استاد بورسعيد.

و تولى مرسي, و سقط الشهداء على الحدود بلا تأمين أو معلومات مخابراتية, البسطاء دائما يُقتلون في زمن أصبحت حُرمة الدم وهم.

و رحل المجلس العسكري بعدما انتقى مرسي منهم وزير الدفاع, و استمر القتل, جيكا كريستي الجندي. 
و بدأت اتجاهات جديدة في الخريطة تُرسم, و نخطو فيها كعادتنا, حتى أحداث الإتحادية بين قتل و تعذيب على بوابات القصر, 
كانت الخريطة واضحة كعادتها, بوعد محاكمة المرشد و مرسي, 

مرسي الذي ذكر مرارا و تكرارا و برغم كل جرائم الداخلية, أنهم منه و هو منهم, و حياهم بكل حرارة, و لو كان يعرف وقتها أغنية تسلم الأيادي لغناها لهم.

و رحل مرسي و بدأ عهد السيسي بمئات القتلى في أحداث مُختلفة على يد السلطة الغاشمة, و كان ذروة إسالة الدماء في مجزرة فض إعتصام رابعة العدوية.

و كما فعل الإخوان من قبل بإتباع علامات أخرى غير العلامات التي تصنعها الدماء, إتبع آخرون علاماتهم الخاصة, علامات السيسي,

الخريطة واضحة, و الدماء ترسم الإتجاهات بدون إلتباس, لا حُجة لدى أي أحد.

لم نجعل لنا اتجاهات شخصية, و لم نسلك طُرقا فرعية, كانت دائما تلك الخريطة هي الطريق الوحيد, ابتعد من ابتعد و عاد إليها من عاد, لكن كل خُطوة بعيدة عنها كانت دهسا على رفات الشهداء و انتهاكا لحرمة دمائهم.

حتى و إن زيفوا الحقائق, و شوهوا المبادئ, و وزنوا بمكاييل عدة, و جعلوا الحق باطلا و الباطل حق, اجعلوا الخريطة التي رسمتها الدماء صوب أعينكم و اتبعوها.

كُن مع الثورة.

جبهة طريق الثورة - ثوار

Sunday, November 10, 2013

نجم الجماهير

هل الفريق أول عبدالفتاح السيسي موافق على وصلات النفاق التي وصلت لحد التأليه مرة, و الإشارات الجنسية المتعلقة بالذكورة مرات ؟
جاوب البعض نفيا أو إيجابا لكني لم يشغلني السؤال مُطلقا.
...
قبل نزع مرسي من الرئاسة, استضاف السيسي في عرض عسكري جزء من الشعب, و العجيب أن هذا الجزء الذي استضافه كان أغلبه ممثلين و ممثلات, و رأينا صورا لم نعتد على مشاهدتها و وزير الدفاع و الإنتاج الحربي يبتسم ابتسامة عريضة و هو مُمسك بيد مُمثلة وراء أخرى, و بعضهن مُمثلات مغمورات.

و كان هذا الحدث مُجرد مُقدمة لأحداث متلاحقة, فكان هؤلاء الفنانين لهم باع في التعليقات و المداخلات على ما أسفر عنه التحرك الشعبي في الشارع في 30 يونيو, و كانت لهم صولات في لجنة الدستور أيضا, بخلاف أغاني " راقصة "  كُتبت للقوات المسلحة و تغنى بها الكثير.

في إحتفالية ذكرى انتصار أكتوبر المجيد, كان الأمر مُشابها, و الممثلون و الممثلات يملؤون المشهد الإحتفالي, و صورهم مع السيسي منتشرة في كل مكان.

و عندما علَّق الضابط " عمر " سلبا على المتحدث الرسمي للقوات المسلحة مُعتبرا هيئته لا تُمثل الجيش, رد السيسي عليه في الفيديو المسرب الشهير, أنه جاذب للنساء.

و عندما خاطب السيسي جمهور الحضور جاءت كلماته عاطفية غالبا و أشهرها " إنتو مش عارفين انكم نور عينينا و لا إيه ", الأمر الذي جعل بعض المتابعين يُطلقون عليه لقب " الملزق " سخرية من أسلوبه.

إذا ربطت كل ماسبق بما يكتب البعض ستجده نتاجا طبيعيا عن توجه عام لدائرة ما حول السيسي و طريقته, فبعد جذب النساء و نور عينينا و غيره, ستنتظر غادة غمزة, و سيعرف مُختار أن بعض النساء حبلى بنجمه.
...

في فترة الخمسينات و الستينات, كان بعض ضباط الجيش و كثير من قاداته بالإضافة لكونهم يحكمون, كانوا نجوما, يتواجدون في جلسات الفن, و تربطهم علاقات وثيقة بالفنانين, خاصة الجنس الناعم منهم,
و الأمر المُتكرر في برامج التحليل الرياضي, تحذير الضيف للاعبين الصغار بعد تألقهم المبكر, من أعراض ما بعد النجومية, النجومية التي قتلت موهبة الكثيرين و جعلت مستقبلهم الباهر مُجرد فكرة و انتهت.
و عندما تتغير الصورة الذهنية عن ضباط و قادة الجيش, من الشخص الوقور المؤدي لعمله في حزم, إلى الشخص الذي يرتدي نظارة شمسية ماركة ري بان, و يضع يده في جيبه و هو ينظر للكاميرا في فخر, و تأتي التعليقات عليه كلها نسائية من نوعية " إوعدنا يارب " بدلا من تعليقات من نوعية " رجالة مجدع " فانتظروا أعراض ما بعد النجومية التي قد تظهر عليه.

...
دخل الجيش في السياسة بطريقة أكثر وضوحا في الفترة السابقة, و هو أمر شديد الخطورة, و أصبح من الواضح أنه ثبَّت فكرة أنه قد يقتل مصريين, بعدما بدأ ذلك في فترات متعاقبة من بعد الثورة, و الآن تتغير الصورة الذهنية رويدا لتجعل من الجيش ذكرا, و من مصر أو شعبها إناثا ينتظرون الإلتقاء, و من الضابط المجدع ذو الشكيمة, للضابط الحليوة جاذب النساء, و أغاني الجيش الحماسية إلى أغاني راقصة لا تصلح إلا للغناء في الملاهي الليلية.

في الستينات, انهت النكسة صولات قيادات الجيش الفنية.
الشعب يكره النكسة و أيام النكسة.

Friday, November 8, 2013

محمود محمد شعبان

(1)

محمود محمد شعبان, مواطن مصري من محافظة الشرقية, يوم 8 نوفمبر 2010 كان يحتفل بعيد ميلاده الثالث والخمسين بوجبة عشاء مكونة من طبق فول و فحل بصل و هو يرتدي كلسون أبيض و بلوفر رمادي و طاقية صوف بنفس اللون, دون أن يعلم أنه من مواليد بُرج العقرب.

محمود محمد شعبان يعمل إداري في مدرسة إبتدائية, و أخيرا أصبح موظف درجة أولى منذ شهورٍ قليلة, ليزيد راتبه الشهري خمسة جنيهات ليصبح أساسيه 353 جنيه شهريا, و بعد إضافة الحافز يُصبح راتبه بالمشتملات585 جنيه شهريا.

حصل محمود محمد شعبان على درجة أولى لكنها يبدو أنها درجة أولى غير مُكيفة.

  عم محمود عنده من الأبناء ثلاثة, الكبير عمره 27 سنة, أطلق عليه إسم أكرم إعترافا منه بكرم الله عليهم به, والثانية فتاة عمرها 25 سنة أطلق عليها إسم رضا تعبيرا عن رضائه بكل ما يأتي الله به, و الثالث صابر يصغر رضا بسنتين, و من الواضح لماذا اختار عم محمود إسم صابر.

 محمود محمد شعبان, متزوج من السيدة فضيلة عبداللة حامد التي تعمل بعقد مُؤقت في نفس المدرسة و راتبها 198 جنيه شهريا.

السيدة فضيلة لم تكن تعمل لكنها حصلت على تلك الوظيفة عن طريق الواسطة.

بعد إنتهاء يوم عمل استندت السيدة فضيلة على ذراع زوجها و اتجهوا إلى السوق قبل توجههم إلى البيت.

- الواد أكرم كبر و بقى لازم يتجوز, ده إنت إتجوزت أصغر منه بسنتين

بادرت السيدة فضيلة بقول ذلك لينزع عم محمود ذراعه من تحت يدها قائلا :
- أكرم بيقبض 300 جنيه من شغله في العاشر من رمضان و ماشفعلوش انه بيه و خريج كلية تجارة إنه يقبض مُرتب أحسن, يتجوز بهم إزاي ؟ و بعدين مش لما نجوز رضا الأول؟
- بمناسبة رضا انا هدخل في جمعية بمرتبي  هقبضها في النص4 آلاف, دول هركنهم على جنب عشان رضا

أعاد سند ذراعها قائلا: 
-  خير ما فعلتي, لما البنت يجيلها عدلها نبق نبص للولاد, و احنا نمسك شوية في المصاريف

- والله اللي حازز في نفسي أكتر هو صابر, قعدته في البيت تعباني و تعباه, يا حبة عيني تعب في كلية العلوم و مش لاقي شغل, يعني ماكان يشتغل نقاش زي ما كان عايز لحد ما يلاقي شغل.

نزع ذراعه من يدها مرة ثانية قائلا: 
- على جثتي, صابر يصبر شوية و هيلاقي شغل يليق بيه, صابر شغله لازم يلبس فيه بالطو أبيض و يقف في معمل.

وصلا إلى السوق فقطعا كلامهما, اشتروا كيلو فاصوليا بـ7 جنيهات, و كيلو أرز بجنيه و نصف, و هم يلعنون الغلاء الفاحش, و اشتروا2 كيلو بطاطس بسعر الكيلو جنيه و نصف, و 5 بيضات للعشاء بجنيه و ربع, و 3 كيلو طماطم بسعر الكيلو جنيه و نصف.

و في طريق البيت لم يتبادلوا الحديث و اكتفوا بدون ترتيب بالدعاء على مبارك في السر.

****
(2)
 في ليلة 8 نوفمبر 2011, كان محمود محمد شعبان يحتفل بعيد ميلاده الرابع و الخمسين مرتديا الكالسون الأبيض و البلوفر الرمادي و الطاقية الصوف من نفس اللون, و معه طبق الفول و فحل البصل.

عم محمود زاد أساسي مُرتبه لُيصبح 522 جنيه, والحافز أصبح200% ليكون راتبه بمشتملاته1490 جنيها شهريا.
و السيدة فضيلة تظاهرت لتثبيتها مع زملاءٍ لها, لكن لم يحدث ذلك, و زاد مرتبها ليكون 301 جنيه شهريا, 


بعد إنتهاء يوم عمل استندت السيدة فضيلة على ذراع زوجها و اتجهوا إلى السوق قبل توجههم إلى البيت.

- الواد أكرم كبر و بقى لازم يتجوز, ده إنت إتجوزت أصغر منه ب3سنين

بادرت السيدة فضيلة بقول ذلك لينزع عم محمود ذراعه من تحت يدها قائلا :
- أكرم بيقبض 750 جنيه من شغله في القاهرةو ماشفعلوش انه بيه و خريج كلية تجارة إنه يقبض مُرتب أحسن, يتجوز بهم إزاي ؟ وبعدين مش لما نجوز رضا الأول؟
-  بمناسبة رضا انا هقبض الجمعية بكرة4 آلاف جنيه, دول هركنهم على جنب عشان رضا 

أعاد سند ذراعها قائلا: 
- أهو يستروا شوية, لما البنت يجيلها عدلها نبقى نبص للولاد

- والله اللي حازز في نفسي أكتر هو صابر,بهدلته في النقاشة وكل يوم يرجع وشه مخطوف, يا حبة عيني تعب في كلية العلوم وملقاش غير الشغلانة دي.

نزع ذراعه من يدها مرة ثانية قائلا: 
- صابر كان لازم يصبر شوية و كان هيلاقي شغل يليق بيه, صابر شغله لازم يلبس فيه بالطو أبيض و يقف في معمل.

وصلا إلى السوق فقطعا كلامهما, اشتروا كيلو فاصوليا بـ12 جنيه, و كيلو أرز بـ3جنيه, و هم يلعنون الغلاء الفاحش, و اشتروا 2كيلو بطاطس بسعر الكيلو بجنيهان ونصف, و 5 بيضات للعشاء بثلاثة جنيهات, و 3 كيلو طماطم بسعر الكيلو جنيهان و نصف.

و في طريق البيت لم يتبادلوا الحديث و اكتفوا بدون ترتيب بالدعاء على المجلس العسكري بصوتٍ مسموع.

****
(3)

 في ليلة 8 نوفمبر 2012, كان محمود محمد شعبان يحتفل بعيد ميلاده الخامس و الخمسين مرتديا الكالسون الأبيض و البلوفر الرمادي و الطاقية الصوف من نفس اللون, و معه طبق الفول و فحل البصل.

لم يزد راتب عم محمود و لم يتم تثبيت السيدة فضيلة في عملها.

وبعد إنتهاء يوم عمل استندت السيدة فضيلة على ذراع زوجها و اتجهوا إلى السوق قبل توجههم إلى البيت.

- الواد أكرم كبر و بقى لازم يتجوز, ده إنت إتجوزت أصغر منه ب4سنين

بادرت السيدة فضيلة بقول ذلك لينزع عم محمود ذراعه من تحت يدها قائلا :
- أكرم الشركة اللي كان شغال فيها قفلت ولسه ملاقي شغل بعد لفة شهرين و بيقبض 900 جنيه و ماشفعلوش انه بيه و خريج كلية تجارة إنه يقبض مُرتب أحسن يتجوز بهم إزاي ؟ و بعدين مش لما نجوز رضا الأول؟
- بمناسبة رضا الجمعية كده خلصت, هدخل جمعية جديدة باسمين و هقبض في النص 8 آلاف جنيه, دول هركنهم على جنب عشان رضا

أعاد سند ذراعها قائلا: 
- خير ما فعلتي أهو يستروا شوية, لما البنت يجيلها عدلها نبقى نبص للولاد

- والله اللي حازز في نفسي أكتر هو صابر, بعد ما اتصاب في إيده في شارع محمد محمود, تنشل إيدين اللي ضربوهم يارب, ما بقاش لاقي يشتغل نقاش حتى, و قعدته في البيت تقطع القلب.

نزع ذراعه من يدها مرة ثانية قائلا: 
- صابر لازم يصبر شوية و هيلاقي شغل يليق بيه, بيقولوا هيشغلوا مصابين الثورة, صابر شغله لازم يلبس فيه بالطو أبيض و يقف في معمل.

وصلا إلى السوق فقطعا كلامهما, اشتروا كيلو فاصوليا بـ13 جنيه, و كيلو أرز بـ3جنيهات و نصف, و هم يلعنون الغلاء الفاحش, واشتروا 2 كيلو بطاطس بسعر الكيلو بجنيهان ونصف, و 5 بيضات للعشاء بثلاثة جنيهات, و3 كيلو طماطم بسعر الكيلو أربعة جنيهات..

و في طريق البيت لم يتبادلوا الحديث و اكتفوا بدون ترتيب بالدعاء على مرسي جهرا بصوتٍ مُرتفع.
..

****
(4)

 في ليلة 8 نوفمبر 2013, كان محمود محمد شعبان يحتفل بعيد ميلاده السادس و الخمسين مرتديا الكالسون الأبيض و البلوفرالرمادي و الطاقية الصوف من نفس اللون, لكنه لم يستطع تناول طبق الفول و فحل البصل الذي اعتاد عليهما.

فراتبه لم يزد و لم يتم تثبيت السيدة فضيلة في عملها.
و لم تتزوج رضا, و تم إعتقال أكرم يوم فض إعتصام رابعة, و لم يعمل صابر برغم نزوله الشارع لتفويض السيسي, و عندما ذهبوا للسوق يوم أمس إشتروا كيلو طماطم بـ6جنيهات, و كيلو بطاطس بـ7جنيهات, و كيلو أرزبــ4جنيهات, و خمسة بيضات سعر البيضة جنيها, وكيلو طماطم بـ6جنيهات و لم يشتروا فاصوليا عندما وجدوا سعرها 18 جنيها.
و خشيا أن يسبا السيسي في سرهما أو يدعو عليه, فابتلعا ريقهما في صمت.

محمود محمد شعبان لا يعرف أنه برج العقرب, و ينتظر نوفمبر 2014 بدون أمل

Thursday, November 7, 2013

تسمية الأشياء

هل سمعت يوما مُواء قطة فاعتقدت أن من يُصدر ذلك الصوت فيل ؟ 
 أو رأيت طائرة في السماء فقلت أنها دراجة بخارية تطير في السماء ؟

إذً فلماذا عندما تعرف أن شخصا قتل أكثر من ألف لا تُعرفه باسمه ؟ سفَّاح !


في العلوم إبتكروا علما أطلقوا عليه  علم المُصطلحات 

Terminology

للتعريف بالمفردات و المُصطلحات الفنية .. 

و عندما حاولت إيجاد إجابة عن معنى كلمة السفاح وجدتها أنه من يُكثر سفك الدماء.

و وجدت أن من الشائع إطلاق ذلك المُصطلح على من قتل مجموعة من الأفراد, أحيانا كان يقل عددهم عن عشرة أفراد, و كم إمتلئت الجرائد من تلك الأخبار التي تُخبرنا أنه تم إلقاء القبض على السفاح الذي قتل عشرة أفراد لأسباب مُتنوعة, 
لم يعب شيءٌ مهنية تلك الجرائد عندما لقبتهم بالسفاحين, و لم يمتعض أحد أو يتعجب من ذلك اللفظ.


في مجتمعنا تحايلنا على الحقائق لنُسمي الأشياء بغير أسمائها, فالرشوة أصبحت إكرامية, و النصب أصبح فهلوة, و قسوة المشاعر أصبحت رجولة, لكننا انتقلنا إل مستوى آخر فأصبح القتل مُبرر و أطلقنا على قتل مواطنين سلميين و أطفال و نساء وصف " حماية الأمن القومي.

و أصبحنا نصف القاتل " بآخر الرجال المُحترمين " 

و هذا ليس بعيدا عن تلقيب " المُقاومة " بالإرهاب, و تلقيب " الإرهاب" بالمقاومة.
و وصف عشرات النساء الواقفين على الرصيف في سلسلة بشرية بالمُخربين.

يقول جبران خليل جبران : 
يُحكى أن نعامة أرادت دفن رأسها في الرمال، فارتطم رأسها برؤوس العرب

و نحن نفعل ذلك بامتياز, فنحن نغض نظرنا عن الإعتقال مادام لم يُعتقل أحدٌ من أهلنا, و نغض نظرنا عن القتل مادام بعيدا أو نتوهم أنه بعيدٌ عن أصدقائنا, و عن التنكيل و التعذيب مادام لم يشملنا بعد.

عندما نُسمي الأشياء بأسمائها.. 
فنسمي الإرهاب إرهاب 
و القاتل قاتل
و من يُكثر القتل سفاح
و من يعتقل الناس بدون وجه حق جلاد 
و من يستبد بالحكم ديكتاتور

سيكون هناك ثمة أمل.