Tuesday, November 5, 2013

بلا و لا شيء


أنا بحبك.
__

في أول يومٍ للإنتخابات الرئاسية صباحا كُنت مع صديق في إتجاهنا للجنة إنتخابية, و كانت أغاني الثورة تملئ السيارة و تمتلئ بها نفوسنا, و كان صديقي مُتحمسا للغاية.. و أنا دموعي كانت تنهمر في صمت. 

دموعي أصبحت قريبة للغاية منذ تلك الأيام التي رفعنا بعضهم من على الأرض و الدم كثير, لم أبكي يومها, لكني أصبحت أبكي لاحقا طول الوقت.

كُنا نخشى أن يُصوِّت الشعب ضد الثورة, كُنا نخشى أن يدهس المصريون ما بقى من دماء الشهداء على الأرض.

كُنا سُذج.

___

ياريت لا تلاقينا ولا بكيت عينينا
ياريت لا تودعنا ولوحنا بايدينا
كان العمر بأول المشوار وكأس الخمر كان بعدو عنب
و صغار كنا صغار صغار

___

قبل الثورة كتبت روايتي الأولى, وكأني أصف ما قد حدث بعدها بشهور بنفس الروح و في نفس المكان, لكن بدمٍ أقل.
كانت الثورة في روحنا, كُنا ننتظر إنفجاراً ما لنبوح بثورتنا التي تملئ صدورنا
و خلال ثمانية عشر يوما تعمقت علاقتنا, عرفنا بعضنا البعض, إعتدنا أن نتلاقى كل صباح, أن نتسامر ليلا, 
إعتدت أن أراقصها قبل إطلالة الفجر, أن أءمن الوحشة برفقتها, 
دخلت كياني.. و سكنتني.
أحببتها, و صرنا شخص واحد.
صارت ثورتي.

___

الغربة كبرت فينا وصار الوطن أكبر, يا حبيبي لو فينا نرجع الماضي ونصغر

___


لم أعد أبدا إلى ما كُنت عليه, بل لم نعد, حتى وصلت ذلك المساء و الضرب عنيف في شارع القصر العيني قبل أن ينتقل لمحمد محمود, لا أسمع أصوات على مر أيام, مُجرد خيالات تمر لأضواء الموتسيكلات تحمل الجرحى, و الدخان يملئ مُحيط الحياة من حولنا, و لا صوت إلا صوت صديقتي التي ضُربت منهم ضربا مُبرحا يملئ رأسي و كأنني أقف على برزخٍ بين حياتين ليس لهما أي علاقة  ببعضهما البعض, و لم تكن لتُفيقني إلا رصاصة إنتظرتها و لم تأتِ, كانوا يقتلوننا بدم بارد.
___

هربان ومش باقي عنا لا سعادة ولا أمان
عنا ذل وخوف وعنا أرخص شي سعر الانسان

__


مُعلقا بين السماء و الأرض, بين شهيدٍ يراقبني و بين حبيبٍ على الأرض خيَّب ظني, و ليس لي إلا الثورة, أصبح كل شيء يُعيدني لأصل الحكاية, للثورة, أُعيدت ولادتنا بها, فصرنا لها.

عندما نبكي على رحيل نبكي تأثرا بها, وعندما نغازل نغازلها بين الكلمات, عندما نفرح تُضيء شماريخ الثورة في صدورنا.

أصبح جرحنا جروح, و وجعنا أوجاع, و صلاتنا صلوات..
أصبحنا كبار.

__

هو إحنا مش ع الحق برضه؟ يبقى تفرق إيه نعيش

__

مكملين, لأنهم علمونا زمان أن ندافع عن عرضنا, عن حُبنا, عن أهلنا .. حتى الموت
و الثورة كُل ذلك.

__

بلا و لا شيء .. بحبك

.....................


الإقتباسات .. هبة طوجي - مصطفى إبراهيم - زياد رحباني


No comments: