Wednesday, June 11, 2014

داعش.. شوكة جديدة في حلق سوريا. " تـقرير "



اعتصمت السيدة سُعاد نوفل لمدة شهرين أمام مقر داعش في مدينة الرقة, و تقول عن أسباب ذلك :
" نحنا من سنتين و نصف ثرنا ضد ظلم الذي تجسد في شخصية بشار و والده من 45 سنة, و الآن نحن بالإسم مُحررين, مازال الظلم موجود في محافظة الرقة, لذلك الثورة مستمرة ضد الظلم الجديد المُجسد بشخصيات و كتائب أخرى و منها دولة العراق و الشام الإسلامية – داعش – اللي عم تعتقل, تخطف, تحجز حريات, تحجز رأي "

داعش, تنظيمٌ انبثق عن تنظيم " دولة العراق الإسلامية " بزعامة أبوبكر البغدادي, الذي أرسل في النصف الثاني من عام 2011 بعض المقاتلين لسوريا, فكوَّنوا ما يُعرف بجبهة النصرة, و بعد فترة قرر ضم كلا التنظيمين, في العراق و سوريا, ليكونا تنظيما واحدا باسم " الدولة الإسلامية في العراق والشام " و اختصارا " داعش ".

يقول ناشط سوري أنه من بداية ظهور داعش العام الماضي أرادوا الظهور كسلطة وليس فصيل هدفه إقامة دولة إسلامية كما يزعمون، بدليل أنهم بدلا من رص صفوفهم مع الثوار والكتائب المقاتلة انتهجوا سياسة السيطرة على الأراضي المحررة التي حررها الثوار على مدى عامين من قبضة النظام (حتى أنهم مثلا إن كان بقي في المدينة نقطتين أو ثلاثة للنظام لم يقربوها) ثم بدؤوا بالتدريج في وضع حواجز داخل تلك المناطق، فرض قوانين وفق منهجهم التكفيري بأغلبه.. حسب تعبيره، و أضاف " شخصيا لا أعتقد أنهم يختلفون عن نظام الأسد بل هم وجه أخر له بجعل من الدين غطاء يصل به إلى مايريد ".

داعش, التنظيم الجهادي الذي يضم جنسيات مُختلفة, لم ترتضي جبهة النصرة – و هي تنظيم بنفس فكر تنظيم القاعدة – أن تكون مُدرجة فيه أو تحارب تحت لوائه, اعتراضا على منهجه و الفظائع الذي يقوم بها من قتل و حرق و تفجير و اعتقال, حتى أن القتال قد احتدم بينهما مُؤخرا رغم مناهجهم المتقاربة.


يقول سيف الله الشيشاني - و هو قائد عسكري بجبهة النصرة بعد إنشقاقه عن داعش, و تم قتله في عملية ناجحة لتحرير المعتقلين في سجن حلب المركزي منذ يومين - : " نحن لم نأتي إلى الشام لنعمل إمارة قوقازية, بل جئنا لنصرتهم ".

يخبرنا نفس الناشطٌ السوري : " أعتقد أن الفرق بينهم و بين جبهة النصرة أن تلك الأخيرة ( وإن كنت أيضاً لا أوافق على كامل منهجهم السلفي في الفكر والقيادة ) تقاتل النظام وتتعاون مع كتائب عدة في عمليات مشتركة ضد النظام، و انتبه أن البغدادي أعلن في وقت ما أن جبهة النصرة فرع عن دولة العراق والشام لكن الجولاني بادر فورا إلى رفض هذا البيان وأن جبهة النصرة مستقلة تماما عنهم."

و يُكمل : " بداية لم يكن هناك هذا اللغط الدائر حولهم كما هذه الايام .. مؤخراً أصبحوا يغتالون قادة الكتائب والألوية ، باتباع أسلوب الغدر والخيانة ومن أشهر الحوادث عندما أعدموا ميدانيا 120 فرداً من أحرار الشام الذين اعتزلوا الفتنة إن صح التعبير
و أيضا الاستيلاء على مواقع نفطية في الرقة و مواقع للمحاصيل "


ثم يذكرنقطة مُشيرا إلى أهميتها :
( في المدن التي دخلوها قاموا بتوفير الأمن للناس بمحاربة اللصوص و قطاع الطرق و قاموا بتوفير المواد الأولية بأسعار أرخص مما كانت لذلك الناس اطمأنت لوجودهم وبعد حين عندما أرادت داعش فرض أسلوب حياة لم يعد بإمكان الناس وأد شوكتهم التي ثبتوها) 

تقول السيدة ريم عيتاني - و هي إعلامية لبنانية تهتم بالشأن السوري – تعليقا على ذلك " مزحة سمجة أن تنحصر خياراتنا بين اللحية الأصولية و الجزمة العسكرية ".
و ترى ريم أن داعش مدعومة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من النظام السوري, فقد أعطت فرصة لهم أن يذيعوا بوضوح أن بديلهم سيكون دولة رجعية ظلامية تُقيم الحد على المدخنين و تفرض الحجاب و تمنع المرأة من العمل, كذلك ترى أنهم مدعومون من الديكتاتوريات الأخرى التي تقول لشعوبها هكذا هي نتيجة الثورات فاحمدوا ربكم على ما أنتم فيه.
و ترى ريم أيضا أن ظهور مثل تلك الجماعات مُؤخرا بطريقة كبيرة في الدول العربية التي قامت بها ثورات أمرٌ طبيعي في ظل جهل نشرته الديكتاتوريات العربية في البلاد على مدار سنين, بالإضافة إلى مساعدة الأنظمة لهم و تهيئة المناخ لظهورهم,
لكنه تعتقد أن كمثال في سوريا, لن يرضى الشعب السوري بحكم مثلهم, و عندما يسقط النظام ستسقط داعش وراءه مباشرة لأن المعركة بكاملها ستتحول ضدهم, فالثورات معارك طويلة.. حسب وصفها.

أما السيدة سهير الأتاسي – نائبة رئيس الإئتلاف السوري المعارض سابقا – فخصتنا بتعليق من جنيف: " داعش ليست فقط عدو للثورة السورية, بل أيضا بتطرفها و ظلاميتها هي عدو للبشرية ".
و ترى سهير أن أهداف داعش بعيدة كل البعد عن أهداف الثورة, و ظهورها عقَّد الأمور كثيرا على الأرض, وأن شباب الثورة في المناطق التي تسيطر عليها داعش باتوا في نفس الخطر من الإعتقال و التنكيل بهم, و تؤكد أن داعش يعملون ضد الثورة و في مصلحة نظام الأسد.

و أصدر  الدكتور عبدالله المحيسني - وهو أحد الشيوخ المقاتلين في سوريا و مُقربٌ من تنظيم القاعدة- بيانا ينتقد فيه داعش, مُؤكدا بأنهم وبالرغم من المعارك الدائرة في سوريا الآن بينهم و بين الفصائل الإسلامية أو غيرها, لم يوافقون أن تُنشئ محكمة شرعية تحكم بينهم بالشريعة الإسلامية – حسب قوله – لتضع حدا لتلك المعارك البينية, بالرغم من موافقة الجميع على إنشائها, حتى تلك الفصائل الغير إسلامية.

و عدد المحيسني في بيانه بعض أهوالٍ مارستها و تمارسها داعش في سوريا.

 

ممدوح الشيخ المتخصص في الشؤون و الحركات الإسلامية كان له رأي جامع عن داعش و غيرها من الحركات الإسلامية الجهادية في سوريا,  فيخبرنا أن داعش ليست وليدة اللحظة لكنها امتداد لحركة التوحيد و الجهاد التي أنشأها أبو مصعب الزرقاوي و الذي تم قتله عن طريق الأمريكان قبل خروجه من العراق, فغيَّر حلفاؤه إسم الحركة للدولة الإسلامية في العراق نظرا لسوء سمعتها و كراهية الكثيرون لها.. حسب تعبيره.

يقول الشيخ: " عمليا النظام السوري هو المستفيد من داعش, و قد لجأ لتضخيم الخطر الأصولي على الأرض ليوجه رسالة إلى الغرب أن بقاؤه قد يكون أقل كُلفة من إنشاء دولة أصولية في المنطقة. "

و عن دور رجال الدين يرى الشيخ أن الفتاوى و الاجتهادات الفقهية في شأن إستخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية في أغلبه ترك الباب مواربا, خاصة في سوريا التي صُور للبعض أنها معركة بين الكفر و الإيمان, لكن في الحقيقة هي ثورة بمطالب إجتماعية و اقتصادية و شعبية, دخل فيها الدين لاحقا ليعطوا ذلك الإنطباع عنها, و يؤكد أنه انطباع غير صحيح.

 و يرى الشيخ أن المجامع الفقهية هي المكان الأكثر قدرة على إصدار بيانات و مواقف تُقوِّض مثل تلك الحركات, خاصة أن قريبا عندما ينتهي استخدام السلاح في سوريا ستظهر مشكلة ( العائدون من سوريا ) كما كان العائدون من أفغانستان و غيرهم.

و عن مستقبل داعش و الثورة السورية يرى الشيخ أن دور داعش في سبيله للقفول و التراجع, و سُيصبح لاحقا مُجرد ( لوجو ) يستخدمه النظام بلا تأثير على الأرض, و مستقبل الثورة السورية غير مرهون بداعش أو غيرها من الحركات الأصولية, ففي النهاية الفصيل السياسي المعارض بجناحيه في الداخل و الخارج و الممثل في الإئتلاف السوري المعارض, سيكون له التأثير الأكبر على مسار الثورة, و سيتم تحجيم دور الأصوليين حين ذلك.

 

يأتي كلام الشيخ متزامنا مع بداية معركة جديدة تشنها جبهة النصرة و الجبهة الإسلامية  لتحرير دير الزور من سيطرة داعش, بعد إكتوائهم بعشرات السيارات المفخخة و الاعتداءات و السرقات, و بعد إرسالهم عشرات الرسائل التحذيرية لداعش.

 

و الأيام القادمة ستكشف هل ستبقى داعش كما هي كما يريدها البعض, أم ستقل سيطرتها على الأرض و تنتهي, لكن في كل الأحوال تبقى داعش شوكة جديدة في حلق سوريا.

 


 

No comments: