Wednesday, May 4, 2011

النخب السياسية .. و شعب التحرير


لا أحب أن أقع تحت خطيئة التعميم , فالنخب السياسية لم تكن على نفس المستوى السياسي و الأخلاقي و التجرد من أجل المصلحة العامة ..مصلحة مصر و الشعب

لكني أتحدث عن الكثيرين منهم ..

من ضمن طرق التحول إلى الديمقراطية , هو الإنفتاح السياسي التدريجي التي تعطيه بعض النخب الحاكمة للشعب و المعارضة حتى تكون منفذا و متنفسا لهم ..حتى لا يقع الإنفجار ,لكن في الأغلب عندما يذوق الشعب بعض نسيم الحرية يُضحي بالغالي و النفيس من أجل الحصول عليها كاملة غير منقوصة .. لكن لينجح ذلك يجب أن تكون هناك معارضة قوية يثق بها الناس.

.. يقول د.معتز عبدالفتاح : "و لعل هذا ما يفسر أن الإنفتاح السياسي في مصر لم يفض إلى تحول ديمقراطي حقيقي حيث أن المعارضة المصرية كانت أقرب إلى معارضة " بعض الوقت " فهي في الواقع تعارض بعضها بعضا أكثر من معارضتها للنظام الحاكم . "

إنطلاقا مما سبق ..كانت علاقة النخب السياسية و الواقع الرسمي و الشعبي هو علاقة من لا علاقة له ! فالشعب الذي يستطيع ان يميز في أغلب الأحيان بين الصالح و الطالح .. كان لا يلتف ولا يرى أن الإلتفاف حول تلك النخب هو أمر مفيد أو صحيح !

و اتصور أن مقياس الشعب كان صحيحاً , لذا أتى الحراك السياسي و الشعبي المؤثر من مصدرين إثنين :

1- التحرك العمالي و الفئوي المستمر و المتتابع .. حتى أنه في بعض الأحيان كنا نرى و كأن كل موظفي مصر معتصمون أو مضربون .

2- رجوع البرادعي كشخصية لم تختلط بالنخب السياسية بشكل واضح من قبل .. وإلتفاف كثيرٌ من الشباب خصوصا الذي لم يشتغل بالسياسة من قبل .. وإحياء آمال في قلوب البعض .. مع تحفظي أن هذا التأثير خفت بمرور الوقت لأسباب عدة.

لم يكن للنخب السياسية أي تأثير إلا على بعض مريديهم من النشطاء السياسين .. وأتت الثورة بشرارة ثورة تونس .. وبوقود جاهز للإشتعال من تراكم الإحتجاجات الشعبية و الفئوية .. والشبابية العفوية.

أثناء الثورة .. تجردت بعض النخب كتجرد شعب التحرير ليندمجوا مع هذه الحالة التي حق لهم أن يستحوا لو شذوا عنها ! .. لكني أتذكر و هذا على سبيل المرور فقط أني و بعض الأصدقاء ذهبنا لإلتقاط الأنفاس في مقر حزب التجمع أيام الثورة .. وأثناء ذلك قام أحدهم من قيادات الحزب و قال " إنزلوا ياشباب.. الشارع بيتسرق منكم " ..هذا الكلام الذي سمعته كان مخالفا لشعور و كلام شعب التحرير الذي لم يكن يفكر في أيدلوجية أو طغيان إتجاه على إتجاه آخر .. بينما كانت النخب " الفاشلة " و التي فشلت على تقديم شيء مهم للمعارضة و للشعب على مر سنوات طويلة .. مازالت تعيش في هذا الصراع مع بعضها البعض ولا تستطيع أن تتجاوزه و لو لبرهة من الزمن !

لكن شعب التحرير كان أقوى من أي أفكار تصادمية لبعض النخب .. و كان أنقى أيضا منهم

فقاد الثورة دون تفاوض .. دون تنازل .. و دون أن ينسى في أي لحظة دم الشهداء.

و نجحت الثورة .. وعاد شعب التحرير ليبحث عن بعض النخب ليلتف حول أرائها و يستنير بما لا يعرفه من الأمور السياسية منهم .

فطفت فورا على السطح التصادمات و المشاحنات و قدم الكثير منهم - كالعادة - الأيدلوجيات على المصالح المصرية الشعبية العامة و التي لا يختلف عليها أحد تقريبا .

و إستخدموا السلاح القديم و المستحدث على جبهات عدة .. " خلق العدو " تلك السياسة التي لا تراعي مصالح قد تنهار عندما يكون الأمر بين شخص و عدو مفترض .. و ماهو بعدو .

وتناسوا أن هذا الصراع مبكرٌ جدا حدوثه .. في ظل مشروع لم يتم بعد لبناء الدولة المدنية على أساس الديمقراطية و المواطنة .. و تحقيق نهضة تُلقي بظلالها سريعا على الشعب المصري بما يحقق له العدالة الإجتماعية و الظروف الصحية و التعليمية و الإقتصادية المناسبة لحياة كريمة إنسانية تليق به .

النخب السياسية يجب أن ترجع للوراء قليلا .. فهي لا تستحق إلا أن تجني فشلها .. لكننا لا نرجو لها ذلك

فقط نرجو منها أن تدع شعب التحرير ليجني ثمار نجاحه بعيدا عن مشاكلهم و إختلافاتهم الأيدلوجية . ..

وأرجو من الشعب .. أن يقود هو النخب

فما قادونا إلا إلى الفشل ... و ما قدناهم إلا إلى الثورة

No comments: